(رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) ، أي بيّنْه وتمهّل في قراءته بالمدِّ
وإشباع الحركات وبيان الحروف، وذلك معين على التفكر في معاني القرآن.
بخلاف الهذّ الذي لا يفقه صاحبه ما يقول، ولذا كان - صلى الله عليه وسلم - يقطع في قراءته حرفاً حرفاً ولا يمر بآية رحمة إلاَّ وقف وسأل، ولا بآية عذابٍ إلا وقف وتعوَّذ.
وقام بآية من القرآن ليلة: (إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (١٢) وَطَعَامًا) .
وكان يصعق لبعض الآيات.
وقد أفرد الناس في آداب تلاوته تواليف كالنّووي والغزالي وغيرهما.
وسنذكر منها الإشارة إلى بعضها: أخرج من حديث عبيدة المالكي مرفوعاً
وموقوفاً: يا أهل القرآن لا تتوسَّدُوا القرآن، واتلُوه حقَّ تلاوته آناء الليل والنهار، وأَفْشُوه وتدبَروا ما فيه لعلكم تفلحون.
وقد كان للسلف في قَدْر القراءة
عاداتٌ، فأكثر ما ورد في قراءة القرآن مَنْ كان يختم في اليوم والليلة ثمان مرات، أربعاً في الليل، وأربعا في النهار.
ويليه مَنْ كان يختم في اليوم والليلة أربعاً، ويليه
ثلاثاً، ويليه ختمتين، ويليه ختمة.
ويلي ذلك من كان يختم في ليلتين، ويليه من
كان يختم في كل ثلاث، وهو حَسَن.
وكره جماعة الختم في أقل من ذلك، لما روى أبو داود والتِّرمذي - وصحّحه، من حديث عبد اللَه بن عمر - مرفوعاً: لا يفقه من قرأ القرآن في أقلّ من ثلاث.
ويليه من ختم في أرْبع، ثم في خمس، ثم في ست، ثم في سبْع، وهذا أوسطُ
الأمور وأحسنها، وهو فعل الأكثرين من الصحابة وغيرهم.
ويلي ذلك مَنْ ختم في ثمان، ثم في عشرة، ثم في شهر، ثم في شهرين.
أخرج ابن أبي داوود، عن مكحول، قال: كان أقوياء أصحاب رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - يقرأون القرآن في سبع.
وبعضهم في شَهْرٍ. وبعضهم في شهرين.
وبعضهم في أكثر من ذلك.
وقال أبو الليث - في البستان: ينبغي للقارئ أن يختم في السنة مرَّتيْن إن لم
يقدر على الزيادة.