فإن قلت إخراجهم إياهم من أرضهم عقوبةٌ ناشئةٌ عن عدم العَوْد، فهلاّ
قالوا: لتعودنّ في مِلَّتِنا أو لنخرجنَّكم من أرضنا؟
فالجواب أنَّ المقام مقام التخويف، فلذلك بدأوا بالإخراج.
(قال الْمَلَأ من قَوْم فِرْعون) :
حكى الكلامَ هنا عن الْمَلَأ، وفي الشعراء، عن فرعون، فكَأنه قد قاله هو وهمْ، أو قاله هو ووافَقوه عليه كعادة جُلساء الملوك في اتَباعهم لما يقولون لهم.
(قالوا إنَّ لَنَا لأجْراً إنْ كنَّا نَحْن الغالبين) :
هذا من قول السحرة، طلبوا الأجر من فرعون إنْ غَلَبوا موسى.
فإن قلت: لِمَ ورد هنا مجيء السحرة عقب قوله: (يأتوك بكل ساحر
عليم) ، وأُخِّرَ جمعهم ومجيئهم في الشعراء، فقال: (فجُمِعَ السحرة) : الآيات المذكورة فاصلة؟
فالجواب أن فيها إطناب يناسبه ما تقَدَّمَ من ذلك في مجاورة موسى عليه
السلام ومكالمتَه فرعون مِن لَدن قوله تعالى: (وإذ نادى ربُّك موسى أن ائْتِ
القومَ الظالمين) .
إلى هذه الآية، ولم يقع في قصصه عليه السلام في السّوَر الوارد فيها قصصه من الإحالة في مراجعة فرعون مثل الوارد هنا، فناسب ما أعْقَب به مما لم يقع الإخبارُ به في الأعراف.
ولما كان الوارد قَبْلَ آية الأعراف مَبْنِيًّا على الإيجاز وتحصيل المراد بأوجز كلام - ناسبَه إيجاز الآية المذكورة، ووردَ كلّ مِنْ ذلك على ما يجب ويناسب.
(قال نعم وإنكمْ لَمِنَ الْمقَرَّبين) :
لما طلبوا الجُعل من التقريب من فرعون أنعم لهم بذلك، فهذا عطف على معنى نعم.
كأنه قال للسحرة: نُعطيكم أجركم، ونقرِّبكم، واسم رئيسهم يومئذ شمعون أو يوحنَّا.
فإن قلت: ما وَجْهُ حذفِ " إذًا " هنا وإثباتها في الشعراء؟
والجواب أن ذلك من الإطناب المذكور، وأيضاً فهي مضمرةٌ مقدرة،