ولا يقع من عمل الخير إلهام من الله.
ولا يقع من التقدير الذي لا على الإنسان ولا له خاطر.
(وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ) .
أي على فرض أن قالوا ذلك، ولكنهم لا يقولونها، وإنما مقصود الآية الرد على المشركين.
وقيل: إن الذي قال إني إله إبليس.
(وهو الذي خلَقَ الليلَ والنهارَ والشمسَ والقمرَ كلّ في فَلَكٍ يَسْبَحُون) : التنوين في كل عوض من الإضافة، أي كلهم في فلك يسبحون، يعني الشمس والقمر دون الليل والنهار، إذ لا يوصف الليل والنهار
بالسبح في الفلك، فالجملةُ في موضع الحال من الشمس والقمر، أو مستأنفة.
فإن قيل لفظ كلّ ويسبحون جمع، يعني الشمس والقمر وهما اثنان؟
فالجواب أنه أراد جِنْسَ مطلعها كلّ يوم وليلة.
وهي كثيرة، قاله الزمخشري.
وقال الغزنوي: أراد الشمسَ والقمرَ وسائِرَ الكواكب السيارة، وعبَّر عنها بضمير الجماعة العقلاء في قوله: يسبحون، لأنه وصفهم بفعل العقلاء، وهو السبح.
فإن قلت: كيف قال في فلكٍ وهي أفلاك كثيرة؟
والجواب أنه أراد كلّ واحد يسبح في فلكٍ، وذلك كقولك: كساهم الأمير
حلة، أي كسى كلَّ واحد منهم حلَّة.
ومعنى الفلك جسمٌ مستدير.
وقال بعض المفسرين: إنه مذموم، وذلك بعيد.
ومعنى يسبحون، أي يجْرُون أو يدورون، وهو مستعار من السبح بمعنى
العَوْم في الماء.
وقد قدمنا أن مجاري القمر ثمانية وعشرون، لأنه يقطع الفلك في
شهر، ومجاري الشمس مائة وثمانون لأنها تقطع الفلك في سنة.
ووجهه أنَّ السنة ثلاثمائة وستون يوماً ونصفها مائة وثمانون فهي تقطع في نصف السنة ستة بروج، ثم ترجع صاعدة أو هابطة فتمشي في نظائر تلك البروج.
فما مجاريها في الحقيقة إلا ستة بروج، فسبحان من دَبَّر الأشياء كيف شاء وأتقنها بحكمته، فلا يعلم أحد بحقيقتها إلاَّ من أطَّلَع عليها.