الفاء، أي عذّبوا المسلمين، فالآية على هذا فيمن عذب المسلمين ثم هاجر وجاهد كالحضرمي وأشباهه.
(مَتاعٌ قَلِيل) : يعني عيشهم في الدنيا وانتفاعهم بما فعلوه
من التحليل والتحريم.
(ما قصَصْنا عليكَ مِنْ قَبْل) :
الخطاب لنبينا ومولانا محمد - صلى الله عليه وسلم -، ذكر له ما حرّم على المسلمين وماحرّم على اليهود، ليعلم أن تحريم ما عدا ذلك افتراء على الله، كما فعلت العرب.
والذي حرم على اليهود ما نصّ الله عليه في سورة الأنعام،: (حَرَّمْنَا كلَّ ذِي ظُفُر) .
(ما عُوقِبْتُم بِهِ) :
المعنى إنْ صنِعَ بكم صَنِيع سوء فافعلوا مثله، ولا تزيدوا عليه، والعقوبة إنما هي الثانية، وسميت الأولى عقوبة لمشاكلة اللفظ.
ويحتمل أن يكون عاقبتم بمعنى أصبتم عُقْبى، كقوله في الممتحنة: (فعاقَبْتُم) ، بمعنى غنمتم، فيكون في الكلام تجنيس.
وقال الجمهور: إن الآية نزلت في شأن حمزة بن عبد المطلب لما بَقَر
المشركون بطنَه يوم أحُد، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لئن أظفرني الله بهم لأمثلَنَّ بسبعين منهم، فنزلت الآية، فكفَّر - صلى الله عليه وسلم - عن يمينه، وترك ما أراد من المثْلة.
ولا خلاف أن المثْلَة حرام، وقد وردت الأحاديث بذلك، ويقتضي ذلك
أنها مدنية.
ويحتمل أن تكون الآية عامة، ويكون ذكرهم لحمزة على وجه المثال.
وتكون على هذا مكية كسائر السورة.
واختلف العلماء فيمن ظلمه رجلٌ في مال ثم ائتمن الظالم المظلومَ على مال.
هل يجوز له خيانتُه في القَدْر الذي ظلمه، فأجاز ذلك قومٌ لظاهر الآية، ومنعه
قوم للحديث: أدِّ الأمانة إلى من أئتمنك ولا تَخُنْ مَن خانك.
قلت: هذا في المال، وأما عقوبة البدن فلا خلاف أنَّ العفو أفضل للآيات