لغاياتهم، فذلك قضاء القِسْطِ بينهم، وقرر بعض المتأولين هذه الآية بقوله تعالى: (ومَا كنّا معَذِّبين حتى نَبْعَثَ رسولاً) ، وذلك يتفِق بأن
يجعل معذبين في الآخرة، وإما بأن يجعل القضاء بينهم في الدنيا بحيث يصحّ
اشتباه الآيتين، وإنما ورد في سورة يونس بالقسط في الموضعين، لأنه بمعنى العدل والتسوية في الحكم بمظنة وروده حيثُ يُراد موازنة الجزاء بالأعمال من غير زيادة.
(وأُمِرْتُ أنْ أكونَ من المؤمنين) :
هذه مخاطبة من الله لنبيّه، ويدخل تحته جميع المكلفين من أمته، وهذه الآية قبلها يتسق معناها بمحذوفات يدلّ عليها هذا الظاهر الوجيز.
والمعنى إن كنتم في شكٍّ من ديني فأنتم لا تعبدون الله، فاقتضت فصاحة الكلام وإيجازه اختصار هذا كله.
وأمره هنا بالإيمان بخلاف آخر النمل، لأنه تقدم قبلها: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا) .
(وما كان لنَفْس أنْ تؤْمن إلا بإذْن الله) .
وبعد هذا: (وما تغْنِي الآيات والنّذُر عن قَوْمٍ لاً يؤمنون) .
وبعد هذا كله: (كذلك حقَّا علينا ننج المؤْمنين) .
وآما آية النمل فإن قبلها قوله: (إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) .
وهذا يقتضي تسليم كل شيء له والتبري من توهّم شريك أو نظير، فناسب هذا قوله: (وأمِرْتُ أنْ أكونَ من المسلمين) .
(وأن أقمْ وَجْهَك) ، أي قَصْدَك ودينك.
(واصْبِرْ حتى يَحْكمَ اللَّهُ وهو خَيْرُ الحاكمين) :
وعد بالنصر والظهور على الكفار، وإنما زاد في الأعراف (بيننا) ، لأنه من خطاب الله لشعيب، فناسبه البسط في الكلام.
(ويَتْلوه شَاهِدٌ منه) :
الضمير في (يتلوه) للبرهان، وهو البينة، أو لمن كان على بينة من رَبِّه، والضمير في (منه) للرب تعالى.
ويتلو هنا بمعنى يتبع، والشاهد يراد به القرآن.
والمعنى يتبع ذلك البرهانَ شاهدٌ من الله،