وصف الله رسولَه باللين واللطف لأصحابه، لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يوَاجِة أحداً بما يكره، وقد أمره الله بالغلظ على الكفار، وبهذا وصف اللَّهُ الصحابة بأنهم كانوا أَشداءَ على الكفار رحماء بينهم.
من لطف الله بهذه الأمة أنه لم يعين المخالفَ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الموافق، لأنه تعالى أَراد السّتْر على عباده، فأبْشر يا محمديّ بما أنعم الله به عليك حيث ستر على عدوِّك.
والمراد بهذه الآية عبد اللَه بن أبي بن سلول، لأنه لم يُرد الخروج إلى المشركين
يوم أحُد، فلما خرج - صلى الله عليه وسلم - غضب، وقال: أطاعهم وعصاني، فى جمع ورجع معه نحوء ثلاثمائة رجل، فمشى في أثرهم عبد اللَه بن عمرو الأنصاري، فقال: يا قوم ارجعوا وقاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا يعني عن المسلمين إن لم تقاتلوا، فقال له عبد الله بن أبي:(لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ) .
(ويَسْتَبْشِرون بالَّذِين لم يَلْحَقُوا بهم) :
المعنى أنهم يفرحون بإخوانهم الذين بقوا في الدنيا من بعدهم، لأنهم يرجون أنْ يستشهدوا مثلهم، فينالوا ما نالوا من الأمن وعدم الحزن
وسبب نزول الآية أن جماعةً من الصحابة استشهدوا فقال لهم الحقّ تعالى:
" تَمنَّوْا ما تريدون "، فقالوا: الرجوع إلى الدنيا للشهادة في سبيلك، فقال: سبق في أَزلي أنه لا يرجع إلى الدنيا أَحَدٌ، فقالوا: أَعْلِمْ إخوانَنا الذين بقوا فيها أنك رضيتَ عنَّا وأرضيتَنا،