(فَبِمَ تُبَشِّرُونَ) :
هذا من قول إبراهيم عليه السلام على وَجْه التعجب مِنْ ولادته في كبره، أو على وَجْه الاستبعاد لذلك، حسبما قدمناه.
وقرئ بتشديد النون وكسرها على إدغام نون الجمع في نون الوقاية، وبالكسر والتخفيف على حذف أحد النونين، وبالفتح - وهو نون الجمع.
(فاسْألُوا أهْلَ الذّكْرِ) :
يعني أحبارَ اليهود والنصارى، لأن جميعهم يشهدون أن الرسل من البشر.
ويؤخذ من هذه الآية وجوبُ سؤال الجاهل عما يحتاج إليه في أمْرِ دينه، ولا
يُعذَر بجهله.
وفيها دليل على أن خَبر التواتر يفيد العلم، لأن المعنى: فاسألُوا أهلَ
الذِّكرِ لتعلموا إن كنتم لا تعلمون، فهو سؤال عمّا لم يعلم ليعْلم.
فإن كان المسؤولون بَالِغينَ عددَ التواتر فهو خَبَر تواتر، وإلا فهو خبر واحد محصل للعلم في الوجهين.
(فالذين لا يُؤْمِنُون بالآخرة قلوبهم مُنْكِرة) :
الفاء للتسبيب، وليس هو من باب ذكر اللازم، وإنما هو من باب ذكر الشيء عقيب نقيضه، لأن لازم كونه إلهاً واحدًا التصديق لا الإنكار والكفر.
(فخَرَّ عليهم السقْفُ مِنْ فَوْقِهم) :
هذا كقوله لهم: (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ) .
وهل السقف إلا فوقهم.
وقد قدمنا سِرَّ التعببر من فوقهم فيما نقلناه عن ابن عطية.
(فادْخُلُوا أبوابَ جهنَّم) : حال مقدرة.
وجهنّم الطبقة الأولى من النار.
فإن قلت: كيف قال هنا: (ادخلوا أبْوَابَ جهنم) ، مع أنها مأوى العصَاة من
هذه الأمة؟
والجواب أنَّ دخولهم فيها ليس على جهة الاستقرار، وإنما هو على جهة
الدخول لما تحتها، لأن النصارى قيل في الثانية، واليهود في الثالثة.