(وأكْثَرُ جَمْعاً) : معطوف على الهلاك.
يعني مَنْ يرى إهلاك من كان أشدّ منه قوهْ وأكثر جمعاً للمال كيف يغتَرُّ بالدنيا وهذا حالها!
نشاهد إهلاك قوم بعد قوم، ولا نَرْعَوِي عن قبيح، "ولا نَزْدَجر من رذيلة.
(ولا يُسْألُ عن ذُنوبهم المجرمون) :
يحتمل أن يكونَ متصلا بما قبله، والضمير في ذنوبهم يعود على الأمم المتقدمة، والمجرمون من بعدهم، أي لا يسألُ المجرمون عن ذنوب مَنْ تقدمهم مِنَ الأمم الهالكة، لأن كل أحد إنما يسألُ عن ذنوبه خاصة.
ويحتمل أن يكون إخباراً عن حال المجرمين في الآخرة، وأنهم لا يسألون
فيها عن ذنوبهم، لأنهم يدخلون النار من غير حساب.
ورُدَّ بقوله تعالى: (فوَرَبِّكَ لنسألَنّهم أجمعين) .
وأجاب بعضُهم عن هذا بأن السؤال النفي على وَجْه الاستخبار وطلب التعريف، لأنه لا يحتاج إلى سؤالهم على هذا الوَجه، ولكن يسألون على وَجْه التوبيخ، وحيثما ورد في القرآن إثبات القول في الآخرة فهو على معنى المحاسبة والتوبيخ، وحيثما ورد نَفْيه فهو على وَجْه الاستخبار والتعريف، ومنه قوله: (فيومئذٍ لا يُسأل عن ذنبه إنْسٌ ولا جانٌّ) .
(وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ) :
يحتمل أن يكون من الدُّعاء بمعنى الرغبة، أو من دعوة الناس إلى الإيمان باللهِ، فالمفعول محذوف على هذا، تقديره ادعُ الناسَ.
فانظر كيف أمر اللَّهُ رسولَه بدعاء الناس إليه، وخصص الهداية
لإجابته، فالدعوة عامة، والهدى خاص.
وقد دعا الله عباده في الدنيا بقوله: (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ) .
(يدعوكم ليَغْفِرَ لكم من ذنوبكم) .
وفي الآخرة بقوله: (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ) .
(يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ) .
فما هذا التقاعس بعد هذا الدعاء إلا من العمى، وأعظم من العمى.
وأعظم من المخالفة والاستجابة غَفْلَتنا عن الاستغفار، والضحك والاغترار