وسوء الصباح مستعمل في ورود الغارة والرزايا، ومقصدُ الآية التهديد بعذاب يحلُّ بهم بعد أن أنذروا فلم ينفعهم الإنذار، وذلك تمثيل بقوم أنذرهم - ناصح بأنَّ جيشاً يحلّ بهم، فلم يقبلوا نصْحه، حتى فاجأهم الجيش فأهلكهم.
وفي صحيح البخاري أنه - صلى الله عليه وسلم - صعد على الصفا، ونادى بأعلى صوته: يَا صَبَاحَاهْ ففزعت إِلَيْهِ قُرَيْشٌ قَالُوا مَا لَكَ قَالَ أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ الْعَدُوَّ يُصَبِّحُكُمْ أَوْ يُمَسِّيكُمْ أَمَا كُنْتُمْ تُصَدِّقُونِي قَالُوا بَلَى قَالَ فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ تَبًّا لَكَ أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) .
(فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ) :
هذا تعجيز لهم وتهَكّم بهم.
ومعنى يرتقوا يصعدوا، والأسباب هنا السلالم والطرق وشِبْه ذلك مما يوصل به إلى العلو.
وقيل: هي أسباب السماء.
والمعنى إن كان لهم ملك السماوات والأرض
فليصعدوا إلى العرش ويدَبِّرُوا الملك.
(فَوَاق) :
فيه ثلاثة أقوال: أحدها - رجوع، أي لا يرجعون
بعدها إلى الدنيا، وهو على هذا مشتق من الإفاقة.
الثاني - ترداد، أي هي واحدة لا ثاني لها.
الثالث - ما لها من تأخير ولا توقّف مقدار فوَاق ناقة وهو ما
بين حَلبتيها، وهذا القول إنما يجري على قراءة (فُواق) بالضم، لأن (فُواق) بالضم، كذا في الحديث، والقولان الأول على الفتح، والثاني على الضم.
(فَصْلَ الخِطَاب) .
هو فصل القضاء بين الناس بالحق عند ابن عباس، وعند علي بن أبي طالب - هو إيجاب اليمين عليه والبَيِّنة على المدَّعِي.
وقيل كلمة أَما بعد، فإنه أول مَن قالها.
وقال الزمخشري: معنى فصل الخطاب: البَين من الكلام الذي يفهمه من يخاطب به، وهذا هو الذي اختاره ابن عطية، وجعله من قوله: (إنه لقول فَصْلٌ) .
(فاعبُدوا ما شِئْتم مِنْ دونه) :
هذا تهديد ومبالغة في الخذلان والتخلية لهم على ما هم عليه.