(ما أمْرُ الساعَةِ إلا كلَمْحِ البَصَر أو هو أقْرَب) :
بيان لقدرة الله تعالى على إقامتها، وأن ذلك يسير عليه، كقوله تعالى: (ما خَلْقُكمْ ولا بَعْثكم إلاَّ كنَفْس وَاحِدَةٍ) .
وإنما أجرى الله الأطوار، وخلق السماوات والأرض في ستة أيام للاعتبار، وأن عادته التدرج في الأمور.
(مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ) .
(مَنْ) شرطية في موضع رفع بالابتداء، وكذلك (مَنْ) في قوله: (مَنْ شَرَحَ) ، لأنه تخصيص من الأولى.
وقوله: (فعليهم غضب) - جواب عن الأولى والثانية، لأنهما بمعنى واحد، أو يكون جواباً للثانية، وجواب الأولى محذوف يدل عليه جواب الثانية.
وقيل (مَنْ كفر) بدل من الذين لا يؤمنون، أو من المبتدأ في قوله: (أولئك
هم الكاذبون) .
أو من الخبر.
(ومَنْ أُكْرهَ) ، استثناء من قوله: (مَنْ كفر) ، وذلك أنَّ قوماً ارتدُّوا عن الإسلام، فنزلت فيهم الآية، وكان فيهم مَنْ أكْرِهَ على الكفر، فنطق بكلمة الكفر، وهو يعتقد الإيمان، منهم عَمّار، وصهيب، وبلال، فعذرهم الله.
ورُوِي أن عمار بن ياسر شكا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما صُنع به من العذاب، وما سامح به من القول، فقال له - صلى الله عليه وسلم -: كيف تجد قَلْبك، قال: أجده مطمئنا بالإيمان.
قال: فإجابتهم بلسانك لا تضرّك.
وهذا الحكم فيمن أكره على النطق بالكفر.
وأما الإكراه على كفر كالسجود لصنم، فاختلف، هل تجوز الإجابة
إليه أم لا، فأجازه الجمهور، ومنعه قوم.
وأما الإكراه على اليمين والعِتْق والطلاق فلا شيء عليه فيما بينه وبين الله، ويلزمه ما كان من حقوق الناس.
وأما الإكراه على قتل أحد وأخذ ماله فلا تجوز الإجابة إليه.
(ما فتِنوا) - بضم الفاء قراءة الجمهور، أي عذبوا، فالآية على هذا في عمّار وشبهه من المعذَّبين على الإسلام.
وقرأ ابنُ عامر بفتح