الْخلف، وأما كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي هو ترجمة عن ذلك الكلام فليس كذلك
ومثالهُ إذا قلت: مَنْ يقتل زيدًا فأنا أقتله، فتارة تقصد الحقيقةَ، وتارة تكون
غير مريد قَتْله، لكنك تقصد المبالغة في العبارة على جهة التخويف والتنفير عن فعل ذلك، فعبارتكَ يمكن فيها عدَم الوقوع، وأما في نيتك وقَصْدِك فلا بُد من وقوعه، لأنك عزمْتَ على ما أجمعت عليه، وهو قصدٌ حقيقي بخلاف الكلام الذي هو ترجمةٌ عمَّا في القلب فإنه قد يكون مجازاً.
وهذا هو جوابُ أهل السنة عن قوله تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا) .
(قائم على كلِّ نَفْس بما كسبَتْ) .
إن قصِد استعلام الخبر فهو استفهام، وإلا فإن كان المعنى ثابتاً في نفسِ الأمر فهو تقرير، وإن لم يكن ثابتاً فهو إنكار.
وهو تقرير لقول ابن عطية: المراد أفمن هو قائم على كل
نفس بما كسبت أحقُّ بالعبادة أم الجمادات التي لا تنفع ولا تضر، وهو معطوف على مقدَّر، فمنهم من كان يقدِّره: أهم جاهلون بمن هو قائم، ومنهم من قَدره: أهم غافلون عمن هو قائم، وهو الصواب، قال: وهل هذا من العمومات المخصوصة أو لا، قال: إن قلنا إن ذات الباري تعالى لا يُطْلَق عليها نَفْس فيكون عامًّا باقياً على عمومه، وإن جوّزْنَا الإطلاق، لقوله تعالى: (تَعْلَمُ ما في نَفْسي ولا أَعْلَمُ ما في نفْسك) ، فيكون هذا مخصوصاً بالباري جلّ وعَلَا، إذ لا يقال إنه حفيظ على نفسه.
قيل: (بما كسبت) بدل على التخصيص.
وقيل: بل هو متعلق بقائم، وليس بصفة للنفس.
والكسب: الصوابُ تَفْسِيرُه بما قاله أهل السنة، لأن الأصل عدم
النقل، ومعنى (قائم) أي حفيظ ورَقيب وعالم.
(قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ) :
أي في ألوهية اللَهِ شَكٌّ.
وقال الفارسي: أفي وحدانية الله شَكٌّ، وإنما قرَّرَه الفارسي هكذا، لأن أول ما يحضُّ الرسل قومَهم على اعتقاد وحدانية الله، بخلاف الألوهية، إذ لم يخالف فيها