والبيان من النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وألزمه أبو حيان التناقض، لأن الزمخشري جعل (هدًى ورحمة) ، معطوفين على لتبيّن، ومحلّه عنده النصب، فكيف يمنع كونه مفعولاً من أجله في اللفظ، ويجعله كذلك في المعنى، وأجاب بعضهم بأنه إنما منع نَصْبَه فقط، ولا يلزم أنه لا يصحّ في المعنى إلا ما جاز النطْق به.
وابن خروف لم يشترط في المفعول من أجله أن يكون مفعولاً لفاعل الفعل المعلل.
(مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ) :
قال أبو حيان: حال من ضمير (نسْقيكم) ، أي خارجاً من بين فرث ودم.
وقيل متعلق بـ (نسْقيكم) المقدر، إذ لا يتعلق مجروران بفعل واحد.
وجوّز هنا لاختلاف معناهما، لأن من الأولى للتبعيض، والثانية لابتداء الغاية.
قال الزمخشري: إذا استقر العلف في كرش البهيمة طبَخْته، فكان أسفله
فَرْثاً، وأوسطه لبنا، وأعلاه دماً، والكبد مسلطة على ذلك تقسمه، فيجري الدم في العروق، واللبن في الضروع، ويبقى الفرث في الكرش.
وردّه ابن الخطيب بأنا ما رأينا قط في كرش البهيمة المذبوحة لبناً ولا دماً.
وأجاب بعضهم عنه بأن حالة الحياة لها زيادة، ألا ترى أن الميت إذا قطع منه
لم يخرج منه دم بوجهٍ، بخلاف الحيّ، ولذلك كان الفلاسفة يشقّون جوفَ
الإنسان وهو حيّ لينظروا ما يتحرك في بطنه.
والصحيح أن الغذاء يطبخه الكرش، فيخرج منه أولاً الأجزاء الكثيفة، وهي الفرث، ويبقى دماً فيطبخه ثانية، ويخرج منه إلى الضروع الأجزاء اللطيفة وهي اللبن، ويصير الباقي دَماً صِرْفاً، فيجعله في العروق، وإنما وقع الامتنان بلبن الأنعام المنفصل عنها دون لبن المرأة المتصل بها وبعيشنا، لأن تغذي الإنسان بلبن أمِّه حالة صغره وعدم عقله، ولبن الأنعام يتغذى به صغيراً وكبيراً ويدرك منفعته.
(ما تركَ عليها من دَابّة) :
الضمير للأرض، يعني لو عاف الله عباده في الدنيا بكفرهم ومعاصيهم لأهلك الحيوانات.