والمعنى بأيكم الفتنة، فأوقع المفتون موقع الفتنة، كقولهم: ما لَهُ معقول.
أي عقل.
وقيل إنها بمعنى في، والمعنى في أيّ فريق منكم المفتون.
واستحسن ابن عطية هذا.
(مَنْ دَخل بَيْتِيَ) : يعني المسجد.
وقيل السفينة. وقيل شريعته، سماها بيتاً استعارة، وهذا بعيد.
وقيل داره، وهذا أرجح لأنه الحقيقة.
(مَنْ يَسْتَمِع الآنَ يَجِدْ له) :
قد قدمنا أنَّ رمي الجن بالنجوم إنما حدث بعد مبعثه - صلى الله عليه وسلم -، واختار ابنُ عطية والزمخشري أنه قبل المبعث قليلاً.
تم زاد بعد المبعث، وكثر حتى منع الجن من استراق السمع بالكلية، ودليلهما قوله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه - وقد رأى كوكبا انقضَّ: ما كنتم تقولون للجاهلية لهذا؟
قالوا: كُنَّا نقول مَلكَ ملك، أو مات ملك.
فقال - صلى الله عليه وسلم -: " ليس الأمر كذلك ".
ثم وصف استراق الجن السمع.
وقد ذكر شعراء الجاهلية في ذلك أشعارهم.
(ماءً غَدَقا) :
أي كثيراً، وهو استعارة في توسيع الرزق، يعني أنهم لو استقاموا على الكفر لوسَّع الله عليهم، إملاء لهم واستدراجاً.
ويؤيّد هذا قوله: (لنَفْتِنَهم فيه) .
والصحيح أن الطريقة هي الإسلام وطاعة الله.
والضمير في استقاموا يحتمل أن يكون للمسلمين أو للكافرين المذكورين في قوله: (وأما القاسِطُون) ، أو لجميع الجن الذين استمعوا القرآن، أو لجميع الخلق.
(مَنْ يَعْصِ اللهَ ورسوله) :
الآية في الكفار، وحملَها المعتزلة على عصاة المؤمنين، لأن مذهبهم خلودهم في النار، وعلى أنها في الكفار وجهان:
أحدهما: أنها مكية، والسور المكية إنما الكلام فيها مع الكفار.
والآخر: دلالةُ ما قبلها وما بعدها على أنَّ المرادَ بها الكفار، وجمع
(خالدين) ، على معنى مَنْ يَعْصِ، لأنه في معنى الجمع.
(مساجِدَ) :
واحدها مَسْجَد - بفتح الجيم، وهذا بعيد.