حافظين على المؤمنين، يحفظون أعمالهم، ويشهدون رشْدَهم أو ضلالهم، فكأنه قال: كلامهم في المؤمنين فُضُول منهم.
(مَنْ أوتي كتابَه وراءَ ظَهْرِه) : يعني الكافر.
وروي أن هاتين الآيتين نزلتا في أبي سلمة بن عبد الأسد، وكان من فضلاء المؤمنين، وفي أخيه أسود، وكان من عُتَاةِ الكافرين، ولفظها أعمُّ من ذلك.
فإن قيل: كيف قال في الكافر هنا إنه يؤتَى كتابه وراء ظهره، وقال في
الحاقة بشماله؟
فالجواب من وجهين:
أحدهما أن يديه تكونان مغلولتين إلى عنقه، وتجعل شماله وراء ظهره، فيأخذ
بها كتابه.
وقيل: تدخل يده اليسرى في صدره، وتخرج من ظهره، فيأخذ بها كتابه.
(ما لهم لا يُؤمنون) :
الضمير لكفّار قريش، يعني أيّ شيء يمنعهم عن الإيمان.
(ما نَقَمُوا منهم) .
أي ما أنكر الكفَّار على المؤمنين إلا أنهم آمنوا بالله.
وهذا لا ينبغي أنْ يُنْكر.
وهذا كقوله: - (وما نقَمُوا إلاَّ أنْ أغْنَاهم اللَهُ ورسولُه) ، أي ما عابوا إلا الغِنَى الذي كان حقّه أنْ يشكروا عليه، وذلك في الجُلاَس، أو في عبد الله بن أبيّ.
فإن قلت: لم قال: أن يؤمنوا - بلفظ المضارع، ولم يقل آمنوا بلفظ الماضي، لأن القصة قد وقعت؟
فالجواب أن التعذيب إنما كان على دوامهم على الإيمان، ولو كفروا في
المستقبل لم يعذّبوهم، فلذلك ذكره بلفظ المستقبل، فكأنه قال: إلا أنْ يدوموا على الإيمان.