على الدخول فيه، لأنه لا يدخل إلا بيتاً ليس فيه حب المولى، وأما البيت الذي هو مشغوف بخالقه، فكيف يدخل فيه، والله يقول: (إنَّ عِبَادِي ليس لكَ عَليهم سُلْطان) .
وقال: (لا تدخلوا بيوتاً غَيْرَ بيوتكم حتى تَسْتَأنِسوا) .
ولا تغتر بحبّ وَليّ أو عالم، وتطمع أنْ يَشْفعَ فيك أَحد، فإن سَيِّدَ الأولين والآخرين لم يقدر على هداية أعمامه أو أحد من خَلْقه.
فكيف بغيره؟
وإذا كنت معه سبحانه فلا يقدر إبليس على إغوائك.
(وهَمَّ بها) :
الضمير لزليخا، وقد أكثر الناسُ الكلامَ في هذه الآية وألَّفوا
فيها تواليف، فلا تأخذ منها ما ذكره بعضهم من حل تكته وقعوده بين رِجليْها وغيره، بل هَمَّ بها إنما كانت خطرة له ولم يعزم، بل أقلع في الحال حتى محاها من قلبه لَمّا رأى برْهَانَ ربه.
وقد قدمنا أنَّ البرهان كان أنه رأى في الحائط مكتوب: (ولا تقْرَبوا
الزنى) .
وقيل تكلم صبي في المهد: يا يوسف، إن الله مطَّلِع عليك وإن لم تره.
وقيل: رأى صورةَ يعقوب على الجدار عاضًّا على أنامله من الغضب.
وقيل: إن زليخا ستَرَتْ صنما لها بديباج، فقال لها يوسف: لِمَ فعلت
هذا، فقالت: أنا أستحي منه.
فقال: أنت تستحين من صنم لا عَقْل له، فكيف لا أستحي أنا ممن خلقني! وقيل غير هذا.
والصحيح أن اللَهَ عصمه من المخالفة، واستغفر مما خطر له من الهم، فكتبت له حسنة.
ويقال: إن ثلاثة من الأنبياء رأوا ثلاثةَ أشياء، فازداد لهم بها ثلاثة: أولهم
إبراهيم رأى ملكوتَ السماوات والأرض فازداد له يقيناً.
ويوسف رأى برهان ربه فازداد عصمة.
ونبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - أراه الله الإسراءَ فازداد به رؤية المولى.
قال تعالى: (ما كذبَ الفؤَاد ما رأى) .
(هذا للَه بِزَعْمِهم) .
أي بدَعْوَاهم وقولهم من غير دليل ولا شَرع.
وأكْثَر ما يقال الزَّعْم في الكذب.
وقرئ بضم الزاي وفتحها، وهما لغتان.