الأوامر على وَجْه التهديد لإبليس.
قال الزمخشري: ليس المراد هنا الذهاب الذي
هو ضد المجيء، وإنما معناه: امْضِ لشأنك الذي اختَرْتَه، خذلاناً له وتخلية.
ويحتمل عندي أن يكون معناه الطرد والإبعاد.
(قاصِفاً مِنَ الريح) :
القصف: هو الكَسْر، وفيه تهديدٌ لمَنْ ركب البحر ولا يخاف الله.
(قَبيلا) :
قيل معناه مُقَابلة ومعاينة.
وقيل ضامناً شاهداً يصدقك.
والقَبالة في اللغة الضمان.
(قَيِّماً) :
أي مستقما.
وقيل قَيِّما على الخلق بأمر الله.
وقيل (قَيِّماً) على سائر الكتب بتصديقها.
وانتصابه على الحال من الكتاب، والعاملُ فيه (أنزل) .
ومنع الزمخشري ذلك الفصل بين الحال وذي الحال، واختار أن العامل فيه
فعلٌ مضمر، تقديره جعله (قَيِّماً) .
(قال له موسى هل أتَّبعُك) :
في الآية مخاطبة فيها تلاطف وتواضع، وكذلك ينبغي أن يكونَ الإنسان مع مَنْ يريد أن يتعلَّم منه، يُنْصِتُ لكلامه، ولا يعارضه، ويخدمه بنفسه ومالِه، ويُسرع في قضاء حوائجه.
(قال ألَمْ أقلْ لكَ) :
هذا مِنْ قول الخضر لموسى، وذلك
أن مولمى نَسِيَ العَهْدَ الذي بينهما، هذا قول الجمهور.
فإن قلت: ما فائدة زيادة اللام في الثالثة؟
فالجواب لما فيه من الزجر والإغلاظ ما ليس في الأوليين.
وفي صحيح البخاري: كانت الأولى من موسى نِسياناً، وفيه - عن مجاهد قال: كانت الأولى نسياناً، والثانية شرطاً، والثالثة عَجْزاً.
قال ابن عطية: وهذا كلام معتَرَض، لأن الجميع شرط، ولأن العَمْدَ يَبْعُدُ على موسى عليه السلام، وإنما هو التأويل، إذ جنب صفة السؤال أو النسيان.
وروى الطبري، عن أبي كعب، أنه قال: إن موسى عليه السلام لم ينسَ، ولكن قوله هذا من معاريضِ الكلام.