وفي الآخرة يأتيك الملكُ بكتابِ منه: أمّا بعد السلام عليك فزرنا، لأنا اشتقنا لكَ، لا رَاعَى الله مَن لا يرَاعي الذَمم.
(فَسبِّحْ باسْمِ رَبِّك العَظيم) :
لما نزلت هذه الآية قال - صلى الله عليه وسلم -: اجعلوها في ركوعكم.
فلما نزلت: (سَبّح اسْمَ رَبِّكَ الأعلى) قال: اجعلوها في سجودكم.
فلذلك استحبَّ مالك وغيره في السجود سبحان ربي الأعلى، وفي الركوع سبحان ربي العظيم، وأوجبها الظاهرية.
ويحتمل أن يكون المعنى سبَح اللهَ بذكر أسمائه، والاسم هنا جنس الأسماء.
والعظيم صفةٌ للرب، أو يكون الاسم هنا واحداً، والعظيم صفة له، وكأنه أمره أن يسبِّحَ باسمه الأعظم، ويؤيِّد هذا ويشير إليه اتصالُ سورةِ الحديد بها، وفي أولها التسبيح، وجعله من صفات اللهِ وأسمائه.
وقد قال ابن عباس: اسْم الله الأعظم موجودٌ في ست آيات من أول سورة الحديد.
ورُوي أنَّ الدعاءَ بعد قراءتها مستجاب.
(فالذِين آمَنوا منكم وأنْفَقوا لهُمْ أجْرٌ كَبِير) :
نزلت في عثمان بن عفان رضي الله عنه، فإنه جهَّز جَيْش العُسْرة يومئذ.
ولفْظ الآيةِ مع ذلك عامّ، وحكمها باق لكل من أنفق في سبيل الله وطاعته، ويدخل فيه النفقة على العِيال بنيَّة تعفُّفهم وإعانتهم، بل هي من أعظم النفقات للحديث: " دِرْهم يُنفقه أحدُكم على أهله خير من ألْف ينفقها في سبيل الله ".
(فطَالَ عليهم الأمَدُ) :
أي مدة الحياة وقيل انتظار القيامة.
وقيل انتظار الفتح.
والأول أظهر.
(فمنهم مهْتَدٍ) :
قد قدمنا أن الضمير راجع لذرية نوح وإبراهيم لتقدم ذكرهها، ولأن منهم اليهود والنصارى وغيرهم.
(فافْسَحُوا) :
هو التوسع دون القيام، لأنه منهيٌّ عنه للحديث: " لا يقم أحدكم من مجلسه ثم يجلس الرجل فيه، ولكن توسَّعوا وتفَسَّحوا ".
واختلف: هل هذا النهي محول على التحريم أو الكراهية،