ْ (فَانْشزوا) ، أي ارتفعوا.
واختلف في هذا النشوز المأمور به، فقيل: إذا دعوا إلى قتال أو صلاة أو فعل طاعة.
وقيل: إذا أمروا بالقيام مِنْ مجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لأنه كان يحبُّ الانفرادَ أحياناً، وربما جلس قوم حتى يُؤْمَروا بالقيام، ولهذا أخبر اللَّهُ أنَّ جلوسهم (كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ) .
(فَبَايعْهُنَّ) :
الضمير يعود على النساء اللواتي بايَعْنَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثاني يوم الفتح على جبل الصَّفَا، وبايعهنَّ بالكلام، ولا تمس يده يدَ
امرأة.
وقيل: إنه غمس يَدَه في الماء ودفعه إلى النساء، وغمس أيديهن فيه.
وروي أنه لما بايعهنَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - هذه المبايعة فقرَّرَهنَ على ألاَّ يسرِقْنَ، قالت هند بنت عتبة، وهي امرأة أبي سفيان بن حرب: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجلٌ شَحِيح، فهل عليَّ إن أخذتُ من ماله بغير إذنه، قال: خُذِي ما يكفيك ووَلدك بالمعروف، فلما قَرَّرهن على ألا يَزْنين قالت هند: يا رسول الله، أتزني الحرة، فقال عليه السلام: لا تزني الحرة - يعني في غالب الأمر، وذلك أن الزني في قريش إنما كان في الإمَاء.
فلما قال: (ولا يَقْتُلْنَ أولادهن) قالت: رَبّيْناهم صغاراً وقتَلْتَهم أنت ببَدْر كباراً، فتبسم - صلى الله عليه وسلم -، فلما وقفهن على ألاَّ يعصينه في
معروف قالت: ما جلسنا هذا المجلس وفي أنفسنا أنْ نعصيك.
وهذه المبايعة للنساء إنما كانت في ذلك اليوم، ولا يعمل بها اليوم، لإجماع العلماء على أنه ليس على الإمام انْ يشترط عليهن هذا.
فإمَّا أنْ تكون منسوخة ولم يذكر الناسخ، أو يكون ترك هذه الشروط، لأنها قد تقررت وعُلمت من الشريعة فلا حاجة إلى اشتراطها.
(فلما جاءَهُم بالبَينَاتِ) :
يحتمل أن يريد عيسى أو محمد - صلى الله عليهما وسلم.
ويؤيدُ الأولَ اتصاله بما قبله.
ويؤيد الثاني: (وهو يُدْعَى إلى الإسلام) ، لأن الداعي إلى الإسلام هو محمد - صلى الله عليه وسلم.
(فأصبَحُوا ظَاهِرين) :
قيل إنهم ظهروا بالحجة.