وإن تركوها لم يهتدوا.
وشبّههم بالرجل، في أنهم رأوا الآيات والمعجزات فلم تنفعهم، كما أن الرجل لم ينفعه ما كان عنده من الآيات.
(مَتِين) : شديد، وسمى الله فعله بهم كَيْدا، لأنه شبيه بالكيد في أن ظاهره إحسان وباطنه خذلان.
(ما يصاحبهم مِنْ جِنَّة) : يعني بالصاحب النبي - صلى الله عليه وسلم -.
فنفى عنه ما نسبه المشركون له من الجنون.
ويحتمل أن يكون قوله: (ما بصاحبهم مِنْ جِنَّة) معمولاً لقوله: (أوَلمْ
يتفَكّروا) ، فيعلموا أن ما بصاحبهم من جِنَّة.
ويحتمل أن يكون الكلام قد تَمَّ في قوله: أو لم يتفكروا، ثم ابتدأ إخباراً.
مستأنفاً بقوله: (ما بصاحبكم من جِنّة) .
والأول أحسن.
(ما خلَقَ اللَّهُ) .: عطف على الملكوت، ويعني بقوله: (مِنْ شيء) .
جميع المخلوقات، إذ جميعها دليل على وَحْدَانيَّة خالقها.
(ما رَمَيْتَ إذ رَمَيْتَ) : الخطاب بهذا لنبيّنا ومولانا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وذلك أنه أخذ يوم بَدْرٍ قبضةً من ترَابٍ أو حصا، ورمى بها في وجوه الكفار، فانهزموا.
وفي الآية إخبار أن ذلك من الله في الحقيقة، وأنه ليس في قدرة البشر قَتْل
من قتل، كما قال: (فَلَمْ تَقتلوهم ولكنَّ اللهَ قَتَلهم) .
(وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣) .
في هذه الآية إكرام لنبينا ومولانا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وإخبار بأنهم لو آمنوا واستَغْفَروا لأمِنوا من العذاب.
قال بعض السلف: كان لنا أمانان من العذاب، وهما وجوده - صلى الله عليه وسلم -، والاستغفار.
فلما مات ذهب الأمان الواحد، وبقي الآخر.