القرون السالفة، والأمم الماضية، لما كفروا وتمرَّدوا، وهكذا من عاندك، ففيه تسليةٌ له - صلى الله عليه وسلم -.
(ما كنّا له مقْرِنِين) :
أي مطيقين وغالبين.
(ما أرْسَلْنَا من قَبْلك) :
معنى الآية: كما اتَّبَع هؤلاء الكفار آباءهم بغير حجة كذلك اتبع كلّ من قبلهم من الكفار آباءهم بغير حجة، بل بمجرد التقليد المذموم.
(مَعَارِجَ عليها يَظْهَرُون) ، أي أدراجاً وسلالم.
والمعنى لولا أن يكفر الناس كلّهم لجعلنا للكفار كلَّ ما يتمتعون به ذهباً وفضة لهوان الدنيا علينا.
ومعنى يظهرون: يرتفعون.
ومنه: (فما اسْطَاعوا أنْ يَظْهَروه) .
(مَنْ يَعْشُ عن ذِكْرِ الرحمن نُقَيِّض له شيطاناً) :
من قولك: عَشِيَ الرجل إذا أظلم بَصَرُه.
والمراد به هنا ظلمة القلب والبصيرة.
وقال الزمخشري: يعش - بفتح الشين، إذا حصلت الآفة في عينه، ويعشو - بالضم - إذا نظر نظر الأعشى، وليس به آفة، فالفرق بينهما كالفرق بين قولك: عمي وتعامى، فمعنى القراءة بالضم يتجاهل ويجحد مع معرفته بالحق.
والأظهر أن ذلك عبارةٌ عن الغفلة وإهمال النظر.
والمراد بذكر الرحمن هنا القرآن عند الزمخشري، وعند ابن عطية ما ذكّر الله عباده من المواعظ، فالمصدر مضاف إلى الفاعل.
ويحتمل عندي أن يريد ذكر العبد للَه.
ومعنى الآية أنَ مَنْ غفل عن ذكر الله يسَّرَ اللهُ له شيطاناً يكون له قرينا.
فتلك عقوبة عن الغفلة عن الذكر بتسليط الشيطان، كما أن من دَاوَمَ على الذكر تباعد عنه الشيطان.
مصداقُه الحديث: إن الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، واضع خرطومه عليه، فإن ذكر العبدُ الله خَنَس، وإن غفل عنه وَسْوَس.
(ما نُرِيهم مِنْ آيةٍ إلاَّ هي أكبَرُ مِنْ أُخْتِها) .