هذا رسول الله ُبِس على كلمةٍ سبع سنين، فكيف بك يا عاص خمسين سنة
أو أكثر، فتفكر بقلب وَاع، كيف يكون حالُك، فإن أردت الحال الحميدة
فعليك بالتوبة والإقلاع، فإن الله أمنك في الدنيا بقوله تعالى: (فلا يخاف ظُلْماً ولا هَضْماً) .
وفي حال النزع: (ألاَّ تخافوا ولا تحزنوا) .
وفي القيامة: (لا خوف عليكم ولا أنتم تحْزَنون) .
وفي الجنة: (ادخلوها بسلام آمنين) .
(نَكتَل) :
وزنه نفتعل، وهذا من قول إخوة يوسف لأبيهم
حين أرادوا المعَاوَدة إلى الطعام بسبب المجاعة التي كانت ببلادهم.
ورُوي أن جبريل قال ليوسف: إن إخوتك جاءوا إليك فبم تعاملهم، فقال:
آذَوْني كثيراً، ولا أرى إلاَّ العفو والتجاوز.
فقال له: بهذا أمرك الله.
قال بعض العلماء: إخوة يوسف جاءوا إليه ثلاث مرات:
أولاً محتاجين سائلين، فأكرمهم وأعطاهم النعمة، وقال: اجعلوا بِضَاعَتهم في رِحَالهم.
وجاءوا في الثانية متكبّرين فَرِحين (١) ، فرجعوا مغمومين حين قال لهم يوسف: ارْجعوا إلى أبيكم، لأن يوسف كان ملكاً، والملوك لا تحبّ المتكبرين.
وجاءوا في المرة الثالثة بالابتهال والتضرع، فرجعوا فرحين مسرورين، لأن يوسف عليه السلام كان رحيما، والرحيم يحب مَنْ تضرع.
(نمير أهْلَنا ونحفَظُ أخانا ونَزْدَاد كَيْلَ بَعير) :
هذا من كلام إخوة يوسف لما قال لهم: ائتوني بأخ لكم من أبيكم.
فطلبوا من أبيهم، وواعدوه بالميرة وهي سوق الطعام، وواعدوه بحفظ أخيهم لما تقدَّم منهم من الجفاء، وعدم الوفاء، وأخبروه بوفاء الملك لهم إنْ أتوه به، وأعانهم يوسفٍ على ذلك، فجعل البضاعةَ في رحالهم ليكون لهم تقوية على الرجوع إلى مصر مرة أخرى، حتى يرى يوسف أخاه، وكذلك كتم اللَّهُ بضاعة الإيمان في قلب المؤمن ليكون له تقوية للوصول إلى جنته، حتى يرى المولى، فلما سمع يعقوب مقالهم أسْلم لهم بنيامين وأخذ عليهم العَهْدَ: (لَتَاْتنَّنِي به إلا أنْ يُحَاط بكم) ، أي تغلبوا، فلا تطيقون.
(١) لا دليل عليه.