إلى الدنيا، أو دخول الجنة، أو الانتفاع بالإيمان حينئذ، فئحَال بينهم وبين
شهوتهم.
(ما يفْتَح اللَّهُ للناسِ مِنْ رَحمة) .
الفتح في هذه الآية: عبارة عن العطاء، والإمساك عبارة عن الْمَنْع، والإرسال والإطلاق بعد المنع، والرحمة كل ما يمنّ الله به على عباده من خير الدنيا والآخرة.
فمعنى الآية لا مانع لما أعطى الله، ولا معْطي لما منع.
فإن قيل: لم أَنّث الضمير في قوله: (فلا ممسك لها) ، وذكّره في قوله (فلا مرسل له) ، وكلاهما يعود على ما الشرطية؟
فالجواب أنه لما فَسَّر الأول بقوله: (من رحمة) - أنث لتأنيث الرحمة، وترك
الآخر على الأصل من التذكير.
(أفمنْ زُيِّنَ له سوءُ عَملِه) :
توقيف، وجوابه محذوف، تقديره أفمن زيِّنَ له سوءُ عمله كمن لم يزَيّن له.
ثم بنى على ذلك ما بعده، فالذي زين له سوءُ عمله هو الذي أضلَّه الله، والذي لم يزينّ له سوء عمله هو الذي هداه.
(مَكْر أولئكَ هو يَبور) .
قد قدمْنَا في حرف الباء أنَّ البَوارَ معناه الهلاك، ومعناه هنا أنَّ مكرهم يبطل ولا ينفعهم.
(ما يعَمَّر مِنْ معَمَّر) .
معناها أنَّ التعمير - وهو طول العمر، والنقص وهو قصره - مكتوب في اللوح المحفوظ.
فإن قيل: إن التعمير والنقص لا يجتمعان في شخص واحد، فكيف أعاد
الضمير في قوله: (ولا ينْقَص من عمره) على الشخص المعمر؟
فالجواب من ثلاثة أوجه:
الأول: وهو الصحيح - أن المعنى لا يزاد في عمر إنسان، ولا ينقص من
عمره إلا في كتاب، فوضع من معمر في موضع من أحد، وليس المراد شخصاً واحدا، وإنما ذلك كقولك: لا يعاقب الله عبدا ولا يثيبه إلا بحق.