قال: (أولم تُؤْمن) ، فالذي يقدر على رجوع التراب ذهباً في
يديك يقدر على رزقك حيثما كنْت.
والحكمةُ في هذا أن النفس لا تطمئن إلا بالمعاينة، وليس الخبر كالعيان.
(صُوَاعَ الملِك) :
أي مكياله، وهو السقاية، وكان يشرب
بها يوسف، ويكال بها الطعام، وكان من فضة.
وقيل من ذهب.
وقصد بجعله في رَحْلِ أخيه الاحتيالَ في أخْذه، إذ كان شرْع يعقوب أنَّ مَنْ سرق استعبده المسروق منه.
والسرّ فيه أن بنيامين لما تعرَّف إليه يوسف، وتحقَّق عنده بالمعرفة، لم يتنكر بأن نُودي عليه بالسرقة.
ولما رضي في معرفته بالبلاء كان ثمرته أن آواه إلى نفسه، كأَنّ مولاك يقول لك: لا تبال يا مؤمن ببلائي، فإن الجنة مَثْواك.
وورد في الحديث: "إن الله يطهّر المؤمن في الدنيا بأنواع البلاء، فإنْ بقِيتْ
عليه بقيةٌ طهَّرَه بشدة الموت، حتى يَلْقَى الله وليس عليه ذنب".
وقرأ يحيى بن يعمر: "صواغ الملك" - بغين معجمة: يذهب إلى أنه كان
مصوغأا، فسماه بالمصدر.
(صَخْرة) :
قيل أراد لقمان الصخرة التي عليها الأرض.
وهذا ضعيف، وإنما معنى الكلام أن مِثْقَالَ خَرْدَلة من الأعمال أو من الأشياء
لو كانت في أخفى موضع كجوف صخرة، فإن الله يأتي بها يوم القيامة.
وكذلك لو كانت في السماوات أو في الأرض.
وأما قول موسى: (أرأيتَ إذ أوَيْنَا إلى الصَّخرة) فإن المراد بها التي نام عندها.
ومعنى (أرأيت) ، أي أخبرني.
فإن قلت: ما وجه التئام هذا الكلام، وإن كلّ واحد من أرأيت، وإذ
أوينا، فإني نسيتُ الحوت - لا متعلّق له؟
والجواب أنه لما طلب موسى الحوت ذكر يوشع ما رأى منه، وما اعتراه من