والحلو والحامض، والصغير والكبير، فإنها في أصلها كانت زوجين ثم تفرَّعت
منها أنواع، فصارت أزواجاً.
(وإنْ تعْجَبْ فعَجب قولُهم) :
انظر هل هذا أمر تقريري، أو هو استدعاء له ليعجب.
فإن قلت: إذا لا تدخل إلا على المحقَّق الوقوع، وإن تدخل على المشكوك
فيه، والتعجبُ من هؤلاء محقَّقٌ وقوعه، لأنهم أنكروا البَعْثَ، وخالفوا، مع
علمهم أنَّ اللهَ خلقهم وأوجدهم، ومَنْ أوجد المخلوقات من عدم قادرٌ على
إعادتها، قال: وعادتُهم يجيبون بأنَّ التعجبَ إنما يكون مما خَفِي بسببٍ، فما
يَتَعَّجب إلا مَنْ يخفى عليه السبب، والنبي - صلى الله عليه وسلم - عالم بأنّ ذلك الواقع منهم، أمْر قَدَّره الله، وأراده منهم، فهو في خاصته لا يَتعجَّب منهم، فضلاً على أن يكون تعجّبه منهم محققا، بدليل قوله تعالى: (أتَعْجَبِينَ مِنْ أمْر الله رحمةُ الله وبركاتُه)
قال أبو حيان: فعَجب مبتدأ وخبره قولهم إذا.
ورُدَّ بوجهين: الأول أن قولهم في رتبة العلم، وعَجب نكرة.
والثاني أن محل الفائدة في عجب، لأنه المجهول، وقولهم: أإذا كتا تُراباً - هو المعلوم.
وقولهم: (لفي خَلْقٍ جديد) يحتمل أنْ يريد بالجديد ما سبقه عدَم، ويحتمل أنْ يريدَ به ما لم يُسْبَق بوجود.
وهذا هو الأظهر، لأجل تعنُّتهم، فهم يجعلون الإعادة كأنها خَلْقٌ آخر لم يسبق بوجود ألبتَّة، فلذا نفَوْها.
ومذهبُ أهل السنة أنَّ الإعادة ممكنة عقلاً واقعةٌ سَمْعا، وهل تُعَادُ الأجساد
أم لا، مذهب أهلِ السنة أنها تُعَاد، لأنَّ الوجود قسمان: إما متحيز أو قائم
بالتحيز، فالأرواح إن كانت متحيزة فهي أجسام، وإن لم تكن متحيزة فلا
تستقلّ بنفسها، ولا بُدّ لها من أجسام تحلّ فيها، فلا بدَّ من إعادة الأجسام
خلافاً للحكماء وغيرهم.
(ويَسْتَعْجِلونَكَ بالسيِّئةِ قَبْلَ الحسنةِ وقد خَلَتْ من قبلهم الْمَثُلاَت) .
انظر هل المراد أنهم طلبوا الأمْرَيْن، أو طلبوا السيئة فقط، وهو