(مَنْ في السماوات ومَنْ في الأرضِ) :
دخل في هذا مَنْ في السموات من الملائكة ومَنْ في الأرض من الملائكة والجنّ، ولم يدخل الناس في ذلك، لأنه ذكرهم في آخرها على وجه التحديد.
وليس المراد بالسجود في هذه الآية السجود المعروف، لأنه لا يصح في حق الشمس والقمر وما ذكِر بعدهما، وإنما المراد به الانقياد.
ثم إن الانقياد يكون على وجهين:
أحدهما: الانقياد لطاعة الله طَوْعاً، والآخر الانقياد لما يُجرِي الله على المخلوقات من أفعاله وتدبيره شاءوا أو أبَوا.
(مَنْ يهنِ الله فما له مِنْ مكرِم) ، لأنه المعز المذِلّ الذي يفعل
الأشياءَ لغير غرض، فلو اجتمع الثّقَلانِ على رَفْع عبدٍ أراد الله وَضْعه لم
يقدروا، وبالعكس، والعيان يشهد لذلك.
(مكان البَيتِ) : موضعه، وذلك أنَّ الله دَرَس البيتَ الحرام
في الطوفان، فدل الله إبراهيم على مكانه، وأمره ببنائه، كما قدمنا.
(مَنَافِعَ لهم) : التجارة.
وقيل أعمال الحج وثوابه، واللفظ أعمّ من ذلك.
(ما يُتْلَى عَلَيْكمْ) :
يعني ما حرّمه في غير هذا الموضع، كالميتة.
(مَنَافِع) :
من قال إن شعائر الله هي الهدايا، فالمنافع بها
شرب لبنها، وركوبها لمن اضطر إليها، والأجل المسمى نَحْرُها، ومَنْ قال إن
شعائر الله مواضع الحج فالمنافع التجارة فيها أو الأجر، والأجل المسمَّى الرجوع إلى مكة لطواف الإفاضة.
(مَحِلّها إلى البيت العَتِيق) :
من قال إن الشعائر الهدايا فمحلّها موضع نحرها وهو منى، ومكة، وخص البيت بالذكر، لأنه أشرف الحرم، وهو المقصود بالهَدْي، و (ثمَّ) على هذا القول ليست للترتيب في الزمان، لأن محلها قبل نحْرها، وإنما هي لترتيب الجمل.