واحتجاج عليهم، لأنهم كانوا يقولون: إنَّ له ولداً، ومعناها: لو كان للرحمن ولد كما يقول الكفار لكنْتُ أنا أول من يعبد ذلك الولد.
كما يعظِّمُ خدامُ الملك ولدَ الملك لتعظيم أبيه، ولكن ليس للرحمن ولد، وما ينبغي له أن يتخذ ولداً، فلا نعبد غيره.
وهذا نوع من الأدلة يسمَّى دليلَ التلازم، لأنه علَّقَ عبادةَ الولد بوجوده.
ووجودُه محال، فعبادته محال.
ونظير هذا أن يقول المالكي - إذا قصد الرد على الحنفي في تحليل النبيذ: إن كان النبيذ غير مسْكِر فهو حلال، لكنه مسكر فهو حرام.
قال الطبري: هو ملاطفةٌ في الخطاب، ونحوه قوله تعالى: (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢٤) .
قال ابن عطية: ونحوه قوله تعالى في مخاطبة الكفار: (أَين شركائي) يعني في زعمكم.
وقد تكلم الزمخشري هنا بزعمه الفاسد بما لا يليق ذِكْرهُ للمبتدئ، وأما المنتهي فيعلم فسادَ مذهبه، ورضي الله عن ابن خليل السكوني في ردِّه عليه للتحرز منه، عامله الله بلطفه.
(فاصْبِرْ كما صبرَ أولو العَزْمِ مِنَ الرسُلِ) :
قد قدمنا أن الله ذكرهم في قوله: (وإذَ أخذنَا من النبيين ميثاقَهم ومنك)
في هذا التقديم إشعارٌ بفَضْلِه - صلى الله عليه وسلم - على مَنْ سواه.
وقيل: أولو العزم الثمانية عنتر المذكورون في الأنعام، لقوله تعالى: (فبهدَاهم اقْتَدِه) .
وقيل: كلّ من لقي من أمته شدة.
وقيل: الرسل كلهم أولي عَزْم، فـ (مِنَ الرسُلِ) على هذا لبيان الجنس، وعلى الأقوال المتقدمة للتبعيض.
(فضَرْبَ الرِّقَاب) :
أصله: فاضربوا ضَرْباً، ثم حذف الفعل وأقام المصدر مقامه.
والمراد قتلهم، ولكن عَبَّر عنه بضرب الرقاب، لأنه الغالب
في صفة القتل.