قال في الأقصى القريب: ونكتته إفادة أن هذا الأمرَ واقع بين القولين لا
محالة، ولو أتى به آخراً لكان الظاهر تأخيره، فبتوسُّطه ظهر كونه غير متأخر، ثم فيه اعتراض في اعتراض، فإن: (وقُضِي الأمر) معترض بين وغيض.
واستوت، لأن الاستواء يحصل عقب الغَيْض.
وقوله: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) .
إلى قوله: (مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ)
فيه اعتراض بسبع جمل إذا أعرب حالا منه.
ومن وقوع اعتراض في اعتراض: (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) .
اعترض بين القسم وجوابه بقوله: (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ) ، وبين القسم وصفته بقوله: (لَوْ تَعْلَمُونَ) ، تعظيما للمقسَم به، وتحقيقاً لإجلاله، وإعلاماً لهم بأن له عظمةً لا يعلمونها.
قال الطيبي في التبيان: ووجه حسن الاعتراض حسنُ الإفادة مع مجيئه مجيء ما
لا يُترقب، فيكون كالحسنة تأتيك من حيث لا تحتسب.
[النوع الحادي والعشرون: التعليل]
وفائدته التقرير والأبلغية، فإن النفوس أبعثُ على قبول الأحكام المعلَّلة من
غيرها، وغالبُ التعليل في القرآن على تقدير جواب سؤال اقتضته الجملة الأولى، وحروفه: اللام، وإنَّ، وأنَّ، وإذ، والباء، وكي، ومن، ولعل.
وتأتي إن شاء الله في حروف المعجم.
ومما يقتضي التعليل لفظ الحكمة، كقوله: (حِكمَةٌ بالغة) .
وذكر الغاية من الخلق، نحو: (جعل لكمُ الأرضَ فِراشاً والسماءَ بِنَاءً) .
(أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (٦) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (٧) .
*******