الوجه السَّابع من وجوه إعجَازه (ووود مشكله حتى يوهم التعارض بين الآيات)
وكلامه تعالى منزة عن ذلك، بل فيه إعجاز للكلام كما صنف في الحديث.
وبيان ذلك الجمع بين الأحاديث المتعارضة، وقد تكلم في ذلك ابن عباس.
وحكي عنه التوقف في بعضها.
قال عبد الرزاق في تفسيره: أخبرنا معمر عن رجل عن المنهال بن عمرو عن
سعيد بن خبير، قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: أرأيت أشياء تختلف عليَّ من القرآن؟ فقال ابن عباس: ما هو، أشك، قال: ليس بشك، ولكنه اختلاف.
قال: هات ما اختلف عليك من ذلك.
قال: أسمع الله يقول: (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣) .
وقال: (ولا يكتمون اللهَ حديثاً) . النساء: ٤٢، فقد كتَمُوا.
وأسمعه يقول: (فَلاَ أنْسَابَ بينهم يومئذٍ ولا يتَسَاءَلُون) المؤمنون: ١٠١.
ثم قال: (وأقْبَلَ بعضُهم على بعض يتساءلون) الصافات: ٢٧.
والطور: ٢٥.
وقال: (أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) ، حتى بلغ: (طائِعين) ، ثم قال في الآية الأخرى: (أم السماء بنَاها) .
ثم قال: (والأرض بعد ذلك دَحَاها) .
وأسمعه يقول: (كان الله) ، ما شأنه يقول: (وكان الله) ؟
فقال ابن عباس: أما قوله: ثم لم تكن فتنتهم فإنهم لما رأوا العذاب يوم
القيامة، وأن الله يغفر لأهل الإسلام ويغفر الذنوب ولا يغفر شركا، ولا
يتعاظمه ذنب أن يغفره، جحده المشركون رجاء أن يغفر لهم، فقالوا: والله ربنا ما كُنَّا مشركين.
فختم الله على أفواههم، وتكلمت أيديهم وأرجلهم بما كانوا
يعملون، فعند ذلك يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تُسَوَّى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثاً.