فعلتها بي فلا بَأسَ عليك إذا لم تبدّل بي غيري ولم تشرك غيري معي.
فقلت: هذه مثل قوله تعالى: (إنَّ اللهَ لا يَغْفِر أن يشْرَك به) .
وسمع نصراني امرأة تقول لزوجها: أنا ومالي لك ما لم تشرك معي ضرة.
فقال: هذا مخلوق لا يرضى بشريك معه، فكيف بالخالق، فأسلم من الشرك.
وقال يحيى بن معاذ الرازي: إلهي، كاد رجائي قبل المعصية يقارب رجائي
قبل الطاعة، لأنه بطاعة العبد يظهَر من الله العدل وهو الثواب، وبمعصيته يظهر منه الفضل وهو الرحمة.
وقال أيضاً: مثل المؤمن طاعة واحدة بعشرة أمثالها ومعصيته بين ثلاث: طاعة الندامة والخوف والرجاء، وكان من دعائه: إلهي، إنْ تعذِّبني يفرح إبليس ويحزن محمد - صلى الله عليه وسلم -، وإن تعْفُ عني يفرح نَبييِّ ويحزن عدوِّي، وأنا أعلم أنك لا تريد شماتةَ العدوّ وحزْنَ الحبيب، وقد قلت: (أني أنا الغَفور الرَّحيم) .
فإن قلت: هل بين هذين الاسمين فرق، وهل الغفار والغافر بمعنى الغفور.
وَلِمَ لَمْ يَقُلْ في العذاب: أنا المعذّب، بل قال: (وأْنَّ عذَابي هو العذاب الأليم) ؟
فالجواب أن الغفور للعصاة يغفر لهم جمع معاصيهم، والرحيم للمطيعين يقبل
جميعَ طاعاتهم مع التقصير.
والغافر للذنب والغفّار مبالغة للذنوب الكثيرة.
قال تعالى: (وإني لغَفَّارٌ) ، والغفور لتعجيل المغفرة، قال تعالى: (إنه كان للأوَّابين غفورا) .
وبالجملة فله سبحانه مائة اسم، التسعة والتسعون أخبرك بها نبيك، فكلما ذكرته بها ذكرك بتسعة وتسعين رحمة من عنده، وإنما قال عذابي، لأن المغفرة صفة والعذاب فعل، والفعل يجوز أن يكون وألاَّ يكون، والصفة لا تجوز إلا أن تكون ألبتة.
(مَعَادٍ) :
المعاد: الموضع الذي يعاد إليه، يعني مكة.