الذين تَمَنَّوْا مكانه بالأمس يقولون: (ويكأن الله يبْسط الرزْقَ لمن يشاء) .
وخسف الله به وبداره الأرض، لأنه لو لم يخسف بداره
لقالت بنو إسرائيل: دعا عليه موسى ليأخذ ماله، فانظر هذه الرحمة الشاملة
حيث عاتب كليمَه على عدوه وقوله لو: لو استغاث بي لأغثته، وإن لم تعمل على هذا فاقرأ قوله تعالى: (قل يا عبادي الذين أسْرَفوا على أنفسهم..) .
وإضافته إليك في قوله: (وإلهكم إله واحد) .
فما أشرفها من إضافة!
وما أحسنه من تشريف! ولذلك يقول تعالى: خلقت الأشياء كلَّها لك، وخلقتك من أجْلِي، فكلهم لك، وأنا لك، فإذا كنتَ لي فأيّ شيء يبقى لإبليس معك.
وسمّى العبد عبدا، لأنه محل العَصا، ومسلكه العيوب، ولما أضاف العبد إلى نفسه خاف أن يسلبه إبليس من الله عز وجل فقال: (وهو معكم) ، فأضافه إلى نفسه حتى لا يقدر إبليس أن يسلبه منه، وليس لك الفخر أيها العبد بنسبتك لسيدك، بل الفخر لك لأنه إلهك والإله يرزقك، وإن عملت عملاً قَبِله منك، وإن أذنبت ذنوبا غفرها لك، وأنت تشاهد العبد يسمِّي عَبْدَه باسم لا يقدر أحد أن يرفعه ما دام سيده حيًّا، وهو تعالى أضافك إليه شئت أو أبيت، ويكفيك من محبته لك ولطفه بك أنه قال: (أسرفُوا على أنفسهم) ، ولم يقل أسرفتم، لئلا يخجل العاصي، ويفتضح، وتستُّراً عليه حتى لا
يهتك ستره ما لم يشرك به، فإنْ رجع بعد الشرك قَبِله وأقبل عليه، ولذلك قال تعالى: (إنّ اللهَ يَغْفِرُ الذنوبَ جميعاً) ، ومعاصيك أيها العبد بين
اثنين، في الله وفي الرسول، فأما التي في الرسول فقد شفع الله فيك، وقال له: (فاعْفُ عنهم واستَغْفِر لهم) .
والتي في الله يأمر الرسول أن يشفع فيك إلى الله.
وذنوبك أيضاً لا تخرج من اثنين: إما صغيرة فهي مغفورة باجتناب الكبائر، قال تعالى: (إن تجْتَنِبوا كبَائِرَ مَا تُنْهَوْن عنه نُكفّرْ عنكم سيًئَاتِكم) .
وإما كبيرة فقد ادَّخر لكَ الرسولُ الشفاعة فيها، قال - صلى الله عليه وسلم -: "ادخرْتُ شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي".
قال الحسن البصري: كنتُ مارًّا بمكة فسمعتُ امرأةً تقول لزوجها: كل إساءةٍ