عدل في الجملة الأولى عن قوله "بالسوءى" مع أن فيه مطابقة كالجملة الثانية - إلى بما عملوا، تأدّباً أن يُضاف السوء إلى الله تعالى.
[" فصل "]
للناس في الفرق بين الكناية والتعريض عبارات متقاربة، فقال الزمخشرى:
الكناية ذكر الشيء بغير لفظه الموضوع له.
والتعريض أن يذكر شيئاً يدل به على شيء لم يذكره.
وقال ابن الأثير: الكناية ما دل على معنى يجوز حملُه على الحقيقة والمجاز
بوصفٍ جامع بينهما.
والتعريض: اللفظ الدال على معنى لا من جهة الوضع
الحقيقي أو المجازي كقول مَنْ يتوقع صلة: والله إني محتاج، فإنه تعريض
بالطلب، مع أنه لم يوضع له حقيقة ولا مجازاً، وإنما فهم من عُرض اللفظ، أي جانبه.
وقال السبكي في كتاب الإغريض في الفرق بين الكناية والتعريض: الكناية
لفظ استعمل في معناه مراداً منه لازم المعنى، فهو بحسب استعمال اللفظ في المعنى حقيقة، والتجوّز في إرادة إفادة ما لم يوضع له، وقد لا يراد منها المعنى، بل يعبَّر بالملزوم عن اللازم، وهي حينئذ مجاز.
ومن أمثلته: (قُلْ نارُ جَهَنَّم أشد حَرًّا) .
فإنه لم يقصد إفادة ذلك، لأنه معلوم، بل إفادة لازمه وهو أنهم يرِدونها ويجدون حرها إن لم يجاهدوا.
وأما التعريض فهو لفظ استعمل في معناه للتلويح بغيره، نحو: (قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا) .
نسب الفعل إلى كبير الأصنام المتخذة آلهة، كأنه غضب أن تُعْبَد الصغار معه، تلويحاً لعابديها بأنها لا تصلح أن تكون آلهة لما يعلمون - إذا نظروا بعقولهم - من عجز كبيرها عن ذلك الفعل، والإله لا يكون عاجزًا، فهو حقيقة أبداً