(فيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشيطان) :
أي فيُبْطِله، كقولك: نسخت الشمس الظلَّ.
(فلا ينَازِعنّكَ في الأمر) ، أي في الدين والشريعة، وضمير
الفاعل للكفار.
والمعنى أنهم لا ينبغي لهم منازعة النبي - صلى الله عليه وسلم -، لأن الحق قد ظهر بحيث لا يسَعُ النزاع فيه، فجاء الفعل بلفظ النهي، والمراد غير النهي.
وقيل المعنى: لا تنازعْهم فينَازِعوك، فحذف الأول لدلالة الثاني عليه.
ويحتمل أن يكون نهياً لهم عن المنازعة على ظاهر اللفظ.
(فأَقِيموا الصلاة) :
الظاهر أنها المكتوبة، لاقترانها مع الزكاة، وإقامتها بإتيانها بالخضوع والحضور، إذ ما كل مصَلٍّ مقيم، ولا يكتب للعبد من صلاته إلا ما عقل منها، الصلاة طهرة القلوب، واستفتاحٌ لباب الغيوب.
(فاسْلكْ فيها من كلً زَوْجين اثنين) :
لما صنع نوحٌ السفينة، وجعل الله علامةَ خروج الماء إفارةْ التنور أَمر جبريل أنواعَ الحيوان أن تأتيه فيضع يمينه على الذَّكَر ويساره على الأنثى.
وروي أن أول من دخل السفينة الذّر، وآخر من دخلها الحمار، فتمسك
الشيطان بذَنَبه، فزجره نوح، فلم ينبعث، فقال له: ادخل، ولو كان معك
الشيطان.
قال ابن عباس: زَلَّت هذه الكلمة عن لسانه، فدخل الشيطان حينئذ.
وكان في مؤخرة السفينة (١) .
وروي أن نوحاً عليه السلام ومَنْ في السفينة شم نتن الزبل والعذرة فأوحى
اللَه إليه أن امسح على ذنب الفيل، ففعل، فخرج من الفيل، وقيل من أنفه
خنزير، فكفى نوحاً وأهله ذلك الأذى، فيؤخذ من هذا أن نوع الخنزير لم يكن قبل ذلك.
وروي أن الفأر آذى الناسَ في السفينة بقَرْض حوائجهم، فأمر الله نوحاً أن
يمسح على جبهة الأسد، ففعل، فعطس فخرجت منه هِرّة وهِرّ فكفَيَاهم الفأر.
(١) لا يخفي ما فيه من البعد وإبليس عليه لعنة الله لا يحتاج إلى ركوب السفينة خوفا من الغرق، فهو من المنظرين كما أخبر القرآن، ومرد هذا الخبر وما شاكله إلى أساطير بني إسرائيل. والله أعلم.