زادك في العبادة فَضَلك، والذي هو مثله يقول: لم يَعْصِ الله، وربما له خَبِيّة من عمَل صالح لم أطلع عليها، وأنا ليس لي شيء، وبالجملة فلم يصدر هذا إلا مِنْ معْجب بعمله، متكبًر، وكم أهلكا من عالم وعابد وزاهد.
(يغْتَبْ بعضُكم بعْضاً) :
الغيبة: ما يكره الإنسان ذِكْرَه من خَلْقه أو خُلُقه أو دِينه أو أفعاله أو غير ذلك.
وفي الحديث: قيل: يا رسول اللَه، وإن كان حقّا، قال: إذا قلتَ غيْرَ الحق فذلكَ البهْتان.
وقد رخّص في التجريح في الشهادة والرواية وفي النكاح وشبْهه، وفي التحذير من أهل الضلال، ولا غيبةَ في فاسق أو مجاهر بالكبائر، وسامِعها شريكه ما لم ينكرها بلسانه، ومع خوْفه فَبِقَلْبه، وعليه قطعها بكلام، وإلا ينصرف، فإنْ عجز لزمه شغل قَلْبه ولسانه عنْها.
روي: مَنْ أذلّ عنده مؤمن وهو يقدر على أن ينصره أذلّه الله على رؤوس
الخلائق.
وروي: من حَمَى مؤمنا مِن منافق يغتابه بعث الله له ملكاً يحمِي لَحْمَه يوم
القيامة مِنْ نار جهنم، ولو ردت كلمة سفيه في فيه لسعد بها رادّها، كما سعد بها قائلها.
وبواعث الغيبة التشكي، وموافقة ونحوها لذاكرها، أو رفعة لنفسه أو حسد
أو لعب، ومتى رأى عَيْباً حرم التصديق ما احتمل تأويلاً، ومتى تحقَّق نَصَح
حتما، وسكت ستراً للنهي عن المتلفظ به، فاعلاً أو مفعولاً حيث قال:
(بعضكم بَعْضا) .
وتشبيه المغتاب بآكلِ الميتة وهو منفِّرٌ طبعاً وشَرْعاً، والإتيان بهمزة
الإنكار، ثم بلفظ المحبة، ثم بقوله: (أحَدكم) كأنه يقول: هل يوجد في العالم
أحدٌ يحب أكْلَ الميتة، ثم المبالغة بلَحْمِ الأخ، ثم بأكله.
وجه المناسبة إدارة حنكه، فالغيبة كالأكل، ثم بقوله: (ميتاً) ، فإنه أبلغ في النفرة، ثم التأكيد بقوله: