(يَبْخَلُ) :
البخل هو الغمّ بالإعطاء والفرح بتَرْكه، وأما البخيل فهو الذى يغتمّ بالإعطاء ويذمّ عليه، ويفرح بتركه، وهذا من صفات
البخل كما قدمنا: (وأحْضِرت الأنْفُس الشحَّ) .
(يَتِرَكُمْ أعمالكم) .
أي ينقصكم، يقال وترت الرجل ترةً، إذا نقصته شيئاً.
وكيف ينقص السيد عَبْده، هذا في مخلوق فكيف بالغنيِّ على
الإطلاق، ولما نزلت: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨) .
شقَ ذلك على الصحابة.
وقالوا: يا رسولَ الله، إذا جازانا الله بأعمالنا هلكنا، فأنزل الله المضاعفة لأعمالهم، والمضاعفة في الحسنة لا حَصْرَ لها ولا مضاعفة للسيئة.
(يُطِيعكم في كثير من الأمْرِ لَعَنِتمْ) :
إنما لم يقلْ أطاعكم، للدلالة على أنهم كانوا يريدون استمرارَ طاعتِه عليه السلام لهم.
والحقّ خلاف ذلك، وإنما الواجب أن يطيعوه لا أن يطيعهم، وذلك أنَّ رأيه عليه الصلاة والسلام خير وأصوب مِن رأي غيره، ولو أطاع الناسَ في آرائِهم لهلكوا، فالواجب على الناس الانقياد إليه والطاعة لأمره.
(لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ) :
نهى الله في هذه الآية عن الاستهزاء بالناس واحتقارهم.
ولما كان "القوم" لا يقَع إلا على الذكران عطف النساء عليهم.
فالسخريةُ بالنساء من أعظم العيوب عند علاَّم الغيوب.
ولعلَّ المسخور منه خَيْرٌ من السَّاخر عند الله، والأعمال بالخواتم، ولا تقعُ هذه الخصلة الذميمة إلا من جاهل بنفسه راضٍ عنها، فيتكبَّر ويعجب، ولو رأى نفسه أقلَّ خَلْقِ الله لم يسخر ممَّنْ هو عند الله أعلى منه، ولذلك قيل: مَنْ ظنَّ أنه خير من الكلب فالكلب خير منه.
فالعاقل يرى الصغير أفْضَلَ منه، ويقول: أنا عصيت الله، وهذا لم يعصه، والكبير يقول: هذا عَبَدَ الله أكثر مني، فهو أفضل، لأن مَنْ