وأما الإخوة فإنهم رجعوا إلى الاستغفار، وقالوا: (يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا
إنا كُنَّا خاطئين) .
وأما يوسف عليه السلام فقال: (توفَّني مسلما وألْحِقني بالصالحين) .
وأما زليخا فإنها قالت: (الآن حَصْحَصَ الحقُّ) .
فكيف تحزن يا محمدي على فَوْتِ الدنيا، وأنت ترى أحوالها وزوَالها
واضمحلالها، وتدّعي أنك تَطْلُبُ الحقّ، هيهات!.
(من السِّجْن) :
إنما لم يقل من الجب، لوجهين:
أحدهما في ذكر الجب خزي إخوته وتعريفهم بما فعلوا، فترك ذِكْرَه توقيرًا لهم.
والآخر أنه خرج من الجبِّ إلى الرقّ، ومن السجن إلى الملك، فالنعمة به
أكثر.
هذا يوسف لم يرد تعيير إخوته، والمؤمن الذي أطاع مولاه أفتراه يذكره
بذنوبه؟! ، كلاّ والله لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه.
وقد قدمنا أن الكرامات التي كانت للنبي عليه السلام كانت لأمَّته.
(من البَدْوِ) :
أي من البادية، وكانوا أصحاب إبل وغنم، فعدّ في النعم مجيئهم إلى الحاضرة، فيفهم من مقارنة خروجه من السجن
ومجيئهم من البادية شؤمها، ولذا قال - صلى الله عليه وسلم -: مَنْ بَدَا جَفَا، وذلك لتركهم الجمعة، وقلّة الإقامة بالدين، هذا في زمان أهل الخير والدين، وأما في هذا الزمان فالبادية أكثر إخلاصاً مع الله لقلّة حبهم في الدنيا، والتصنّع لأهلها، وليس الخبر كالعيان، والمشاهد لا يحتاج لبرهان.
(مِنَ الملْك) :
من للتبعيض، لأنه لم يعطه الله إلا بعض ملك مصر.
(مِنْ أنْبَاءِ الغَيْب) : احتجاج على صحة نبوءة نبينا ومولانا محمد - صلى الله عليه وسلم - لإخباره بالغيوب.