(مَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ) .
أيْ أيّ شيء تظنون برب العالمين أن يعاقبكم وقد عبدتم غيره، فالقَصْد بهذا التأويل التهديد.
أو أي شيء تظنون أنه هو حتى عبدتم غيره.
والقصد بهذا تعظيم الله وتوبيخ لهم، كما تقول:
ما ظنّك بفلان! إذا قصدت تعظيمه.
(متَّعناهم إلى حِين) :
الضمير يعود على قوم يونس لما آمنوا وخرجوا بالأطفال والبهائم، وفرّقوا بينها وبين أولادها، وتضرعوا إلى الله، وأخلصوا بالبكاء، وتابوا إلى الله توبةً، وعهدوا أن من كذب أو سرق أو زنى أقاموا عليه الحد، وأنهم مشاركون في علومهم وأموالهم، فرفع الله عنهم العذاب ومتعهم إلى حين.
واختلف ما المراد بالْحِين، وقد قدمناه في حرف الحاء.
وأما قوله تعالى (تؤْتي أكلَها كلَّ حِين) ، فقيل: سنة، أو ستة أشهر، أو
شهران، ولما دخل عليهم ذو القرنين وجدهم تائبين، لا باب لبيت، ولا غنيّ
فيهم ولا فقير، ولا عالم ولا جاهل، كل واحد منهم جادَ على جاره بما عنده من علم ومال، فطلب أن يدْفَن معهم.
وقد ذكر الناس في قصصهم طولاً تركناه لعدم صحته.
وقد صح أنه - صلى الله عليه وسلم - مرّ بهم ليلة الإسراء، فآمنوا به وصدقوه، وقد لقي غلاماً في مسيره إلى الطائف فأخبره أنه منهم، فانظر يا محمدي مَنْ رجع إلى الله كيف يقبله، وكيف لا يقبله، وهو يقول: (وهو الذي يَقْبَل التوبةَ عن عباده ويَعْفُو عن السيئات) .
فإن قلت، قد قال في آية أخرى: (غافر الذَّنْبِ وقَابِل التَّوْبِ) ، فهل بين العفو والمغفرة فرق؟
قلنا: العفو عنها يستلزم مغفرتها، فسبحان مَنْ لم يَرْضَ بغفرانها حتى بدّلها
لهم حسنات مكافأة لتوبتهم.