(جعلَ اللهُ الكعبةَ البيتَ الحرأمَ قِياماً للناس) .
قدَّر أبو علي جعل الله نُصْبَ الكعْبَة.
وقدر غيره حرْمةَ الكعبة وهو أولى، لأن تقدير الحرمة في الهدْي والقلائد والشهر الحرام لا شك في فصاحته، وتقدير النصب فيها بعيد من الفصاحة.
قال: ومهما تردد المحذوف بين الحَسَن والأحسن وجب تقدير الأحسن، لأن الله وصف كتابه بأنه أحسن الحديث، فليكن محذوفه أحسن المحذوفات، كما أن ملفوظه أحسن الملفوظات.
قال: ومتى تردد بين أن يكون مجملاً أو مبيناً فتقدير المبين أحسن، نحو: (وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ) .
لك أن تقدر " في أمر الحرث " و" في تضمين الحرث "، وهو أولى لتعينه، والأمر مجمل لتردده بين أنواع.
[قاعدة]
إذا دار الأمر بين كون المحذوف فعلاً والباقي فاعلاً، وكونه مبتدأ والباقي
خبراً، فالثاني أولى، لأن المبتدأ عين الخبر فالمحذوف عين الثابت، فيكون حذفه كلا حذف.
فأما الفعل فإنه غير الفاعل، اللهم إلا أن يعتضد الأول برواية
أخرى في ذلك الموضع، أو بموضع آخر يشبهه، فالأول كقراءة: (يسَبَّح له فيها بالغُدوِّ والآصال) - بفتح الباء.
(كذلك يُوحَى إليك وإلى الذين مِنْ قبلك الله) - بفتح الحاء، فإن التقدير يسبحه رجال، ويوحيه الله، ولا يقدّران مبتدأين حُذف خبرهما لثبوت فاعلية الاسمين في رواية منْ بنى الفعل للفاعل.
والثاني، نحو: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ)
فتقدير " خلقهم الله " أولى من " الله خلقهم " لمجيء: خلقهنَّ العزيز العليم.
[قاعدة]
إذا دار الأمر بين كون المحذوف أولاً أو ثانياً فكونه ثانياً أولى.
ومن ثَمَّ رجح أن المحذوف في نحو: (أتُحَاجّونّي في الله) - نون الوقاية لا نون الرفع.
وفي: (ناراً تَلَظَّى) التاء للتأنيث لا تاء المضارعة.