قال بعضهم: ابتلى الله خليلَه بعشرة أشياء، ثم أثْنَى عليه بعشرة، ثم أعطاه
عشرة.
أما الابتلاء فهو مناظرة النّمْرُود، والكوكب والقمر والشمس، وبكسر
الأصنام، ومناظرة الأب، وبالهجرة، وبنار النّمْرود، وبذبح الولد، وبالإخلاص
في قول الله له: (أَسْلِمْ) .
وبالعشر كلمات، وبالملائكة الذين بعثهم الله إليه شبه المجوس يعرض عليهم الإيمان.
وأما الثناء عليه فسمّاه (أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا) ، شاكراً لأنْعمه، وفيًّا صديقاً
نبيئا قيما أَوّاباً مُنيباً.
واصطفاه بالاجتباء والاهتداء، والبركة والبِشارة بإسحاق، والحجة على
قومه، والإمامة والمقام، ونسبة الأمة المحمدية، على جميعهم السلام، والخلّة في قوله تعالى: (واتّخذ الله إبراهيم خَلِيلاً) .
(فمن عُفي له من أخيه شيء) .
فيها تأويلان.
أحدهما أن المعنى مَن قتل فعُفِي عنه فعليه أداء الدية بإحسان، وعلى أولياء
المقتول اتباعه بها بمعروف، فعلى هذا " من " كناية عن القاتل، وأخوه هو
المقتول أو وَليّه.
وعُفي من العَفْو عن القصاص.
وأصله أن يتعدى بعن، وإنما تعدى هنا باللام، لأنه كقولك: تجاوزت لفلان عن ذنبه.
والثاني أنَّ المعنى إِنّ مَن أَعطيته الدية فعليه اتباع بمعروف، وعلى القاتل أداء
بإحسان، فعلى هذا " منْ " كناية عن أولياء المقتول، وأخوه هو القاتل أو
عاقِلَته، وعفي بمعنى يسر، كقوله: (خذ العَفْو) ، أي تيَسَّر.
ولا إشكال.
في تعدّي عفِي بإلى على هذا المعنى.