(أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ) الإسراء: ٥٧، - قال - صلى الله عليه وسلم -: " اتَّخَذْتَ إبراهيم خليلاً، وموسى كليما، فماذا خَصَصْتَني؟
فأنزل الله تعالى: (ألَمْ نَشْرَح لك صَدْرك) .
فلم يكتف بذلك وحقّ له ألا يكتفي، لأن السكون إلى الحال سبب قطع المزيد، فأنزل الله تعالى: (إنا أعطيناك الكوثر) .
فقال له جبريل: إن الله تعالى يقْرِئك السلام ويقول لك: إن
كنتُ اتخذت إبراهيم خليلاً، وموسى كليما - فقد اتخذتك حبيباً.
وعزتي وجلالي لأفضلنَّ حبيبي على خليلي وكليمي، فسكن.
وهذا من أجلّ الرضا، لأن هذه هي الدلالة، والرضا للحبيب والانبساط
للخليل، ألا ترى إلى قول إبراهيم: وجاءته البشْرى وهو على الانبساط.
فإن قلت: قد وردت تحديدات من الشارع في عرض هذا الكوثر وطوله
يفهم منها التضادّ؟
فالجواب أنها ليست بمختلفة، وإنما تحدث به - صلى الله عليه وسلم - مرات عديدة، وذَكَر فيها تلك الألفاظ المختلفة بحسب اختلاف الطوائف من العرب، فخاطب كل أحد بما كان يعرف من المسافة.
والمعنى المقصود أنه حوض كبير متَّسِع الجوانب والزوايا.
قال السّهيلي في الرَّوْضِ الأنف: عن عائشة رضي الله عنها: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن الله أعطاني نَهْرا يقال له الكوْثر، لا يشَاء أحَد من أمَّتي يسمع خَرِيرَه إلاَّ سمع ".
قلت: يا رسول الله، وكيف، قال: أدخلي إصبعيك في
أذُنَيْكِ وشدّي.
قالت: قد فعلت يا رسول الله.
قال: هذا الذي تسمعين هو من خرير الكوثر.
[تنبيه:]
قال - صلى الله عليه وسلم -: " إن لحَوْضِي أربعة أركان، فالركن الأول في يَدِ أبي بكر، والثاني في يد عمر، والثالث في يد عثمان، والرابع في يد عليٍّ، فمن أبغض أحدا