بعدم اشتهار تلاوتها وكتابتها في المصحف وإن كان حكمها باقياً، لأنه أثقل
الأحكام وأشدها، وأغلظ الحدود، وفيه الإشارة إلى ندب الستر.
وأخرج النسائي أن مروان بن الحكم قال لزيد بن ثابت: ألا تكتبها في
المصحف، قال: لا، ألا ترى أن الشابين الثَّيِّبَيْن يرجمان، وقد ذكرنا ذلك، فقال عمر: وأنا أكفيكم، فقال: يا رسول الله، أكتبني آية الرجم.
قال: لا أستطيع.
قوله: أكتبني، أي ائْذَنْ لي في كتابتها، ومكنّي من ذلك.
وأخرج ابن الضرَيْس في فضائل القرآن، عن يعلى بن حكيم، عن زيد بن
أسلم، أن عمر خطب الناس، فقال: لا تشكوا في الرجم، فإنه حق، وقد هممت أن أكتبه في المصحف، فسألت أبيّ بن كعب، فقال: ألست أتيتني وأنا أستقرئها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فدفعت في صدري وقلت تستقرىء آية الرجم وهم يَتَسَافَدون تسافُدَ الحمر.
قال ابن حجر: وفيه إشارة إلى بيان السبب في رفع تلاوتها، وهو الاختلاف.
[تنبيه:]
قال الأئمة: لا يجوز لأحد أن يفسر كتاب الله إلا بعد أن يعرف منه الناسخ
والمنسوخ، وجميع هذه الأوجه، مع علم اللغة والنحو والتصريف وعلم البيان وأصول الفقه والقراءات، ويحتاج لمعرفة أسباب النزول.
قال علي رضي الله عنه لقاض: أتعرف الناسخ من المنسوخ، قال: لا.
قال: هلكت وأهلكت.
قال الخوَيِّي: علم التفسير علم غير يسير، أما عسره فظاهر من وجوه، أظهرها أنه كلام متكلم لم يصل الناس إلى مراده بالسماع منه، ولا إمكان الوصول إليه، بخلاف الأمثال والأشعار ونحوها، فإن الإنسان يمكن علمه منه إذا تكلم بأن يسمع منه.
وأما القرآن فتفسيره على وجه القطع لا يُعلم إلا بأن يسمع من الرسول
- صلى الله عليه وسلم -، وذلك متعذر إلا في آيات قلائل، فالعلم بالمراد مستنبط بأمارات ودلائل.
والحكمة فيه أن الله أراد أن يتفكر عباده في كتابه فلم يأمر نبيّه بالتنصيص
على المراد في جميع آياته.