وفي حديث القاضي المعافي: إنما الإشكال في دعوى ولد الزنى يوم القيامة
لأبيه، مع أنه ليس بأب شرعي.
وأجاب باحتمال دَعْوىَ المجاز كأبي الأرامل، أو أنَّ أحوال الآخرة على
خلاف أحوال الدنيا يُدْعَى إلى الإسلام الداعي إليه نبينا ومولانا محمد - صلى الله عليه وسلم.
(يَغْفِرْ لكمْ) :
جزم في جواب (تؤمنون) ، لأنه بمعنى الأمر، فقد قرأ ابن مسعود: آمِنوا وجَاهِدوا - على الأمر.
وقال الفراء: هو جواب (هل أدلُّكم) ، لأنه يقتضي التحضيض.
(يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) .
منّ الله على عباده ببَعْثِ رسول منهم وإليهم يعلِّمهم بيانَ الشرائع والفهم، ويزَكيهم: يطهرهم، ونسب التعليم إليه، لأنه يعلم ما في الكتب وطرق النظر بما يلقيه جبريل إليه، فأعرضوا عنه، وقالوا: هل بعث الله ملكا.
وقد قدمنا سِرَّ بَعْثِ الرسل من البشر، إذ البشرية لا تطيق مباشرةَ
الروحانية.
أَلاَ ترى جبريل، كان يخرجه - صلى الله عليه وسلم - من البشرية حين يُلقى إليه الوَحْي.
فإن قلت: ما فائدة تقديم العلم في البقرة، وتأخيره في الصف وآل عمران؟
والجواب: لأنه لما كانت دعوة إبراهيم عليه السلام قبل وجود الضلال في
الذرّية المدعوّ لها، وإنما تحصل لهم تزكيتهم ورَفْع ضلالهم المتوقّع لوقوعه بما
يمنحونه من التعليم وما يُتْلى عليهم من الآيات، لأن ذلك هو السبب في حصول التزكية والسلامة من الضلال إذا وققوا للانقياد له، ألا ترى ارتباطَ التزكية بأعمال الطاعات، قال تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) ، وإنما كان تزكية لهم لانقيادهم بالطاعة فما يطلبهم به من
ذلك ويأخذه منهم، فتأخَّر ذكر التزكية المسبّبة عما به تحصل، وذلك بعد
هدايتهم للإيمان، فجاء على الترتيب من بناء المسبَّب على سببه.