[تنبيه:]
قال ابن الحصّار: من الناس من جعل المجمل والمحتمل بإزاء شيء واحد.
والصواب أن المجمل المبهم الذي لا يُفهم المراد منه.
والمحتمل اللفظ الواقع باللفظ الأول على معنيين مفهومين فصاعداً، سواء كان حقيقة في كلها أو في بعضها.
فالفرق بينهما أن المجمل يدل على أمور معروفة، واللفظ مشترك متردد
بينها.
والمبهم لا يدل على أمر معروف مع القطع بأن الشارع لم يفْضِ لأحد
ببيان المجمل، بخلاف المحتمل.
*******
[الوجه السادس عشر من وجوه إعجازه (الاستدلال بمنطوته أو بمفهومه)]
وهو ما دل عليه اللفظ في محل النطق، فإن أفاد معنى لا يحتمل غيره فالنص، نحو: (فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ)
، وقد نقل عن قوم من المتكلمين أنهم قالوا بندور النص جداً في
الكتاب والسنة.
وقد بالغ إمام الحرمين وغيره في الرد عليهم، قال: لأن الغرض من النص
الاستقلال بإفادة المعنى على قطع، مع انحسام جهات التأويل والاحتمال، وهذا
وإن عزّ حصوله بوضع الصيغ رداً إلى اللغة فما أكثره مع القرائن الحالية والمقالية. انتهى.
أو مع احتمال غيره احتمالاً مرجوحاً، فالظاهر، نحو: (فَمَنِ اضْطُرّ غير باغ
ولا عَادٍ) .
فإن الباغي يطلق على الجاهل وعلى الظالم، وهو فيه أظهر وأغلب.
ونحو: (ولَا تَقْرَبُوهُنَّ حتى يَطْهُرْنَ) ، َ فإنه يقال الانقطاع ظاهره الوضوء والغسل، وهو في الظاهر أظهر.
وإن حمل على المرجوح لدليل فهو تأويل، ويسمى المرجوح المحمول عليه
مؤولاً، وهو كقوله: (وهو مَعَكمْ أيْنَ ما كنتُم) ، فإنه يستحيل
حمل المعيّة على القُرب بالذات، فتعين صَرْفُه عن ذلك، وحمله على القدرة والعلم، أو على الحفظ والرعاية.