محرَّمة، وهي ذِكْره بما فيه مما يَكْرَه، وإذا أردت أن ترف عظيم مرتكبها فقِسْ ما بين قوله - صلى الله عليه وسلم -: " الربا اثنان وسبعون باباً أدناها مثل أن يطأ الرجل أمّه ".
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: " مِن أرْبَى الرِّبا استطالة المسلم في عِرْض أخيه بغير حق " - يظهر لك عظيم ما نحن فيه من الهلاك إن لم يعْف عنا مولانا، فعليك بدعاء آدم عليه السلام: (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) .
فسمع نداءه فتاب عليه وهَدَى.
(مَلْعونين) : نصب على الذم، أو بدل من قليل، أو حال من ضمير الفاعل في: (يجاورونك) ، تقديره: سيقفون ملعونين.
(ما يَلِج في الأرض) :
أي ما يدخل فيها من المطر والأموات وغير ذلك، وما يخرج منها من النبات وغيره.
(وما ينْزِل من السماء) :
من المطر والملائكة والرحمة والعذاب.
(وما يَعرجُ فيها) : أي يصعد ويرتفع من الأعمال وغيرها.
(ما بَيْنَ أيْدِيهم وما خَلْفَهم من السماء والأرض) :
قد قدمنا معناه.
والمعنى هنا أو لم يروا إلى السماء والأرض فيعلموا أن الذي خلقهما قادر
على بعْثِ الناس بعد موتهم.
ويحتمل أن يكون المعنى تهديداً لهم لقوله: (إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ) .
(مَسْكنِهم) :
الإشارة إلى قوم سبأ، وقد قدمنا أن مساكنهم
كانت بين الشام واليمن، وكان الرجل منهم لا يتزود ويمشي في ظل الشجر، ولا يخاف من أحد، فكفروا بأنْغم الله، وقالوا باعِدْ بَيْنَ أسفارنا ليتزّودوا للأسفار ويمشوا في المفاوِز، فجعل الله إجابتهم كما قال: (مَزّقناهم كل ممَزَّق) ، أي فرّقناهم في البلاد حتى ضرب المثل بفرقتهم، فقيل: تفرّقوا أيْدي
سبأ.
وفي الحديث: إن سبأ أبو عشرة من القبائل، فلما جاء السيل على بلدهم
تفرّقوا فتيامَنَ منهم ستة، وتشاءم أربعة.