فالبغضُ في الله أوجب، ولذلك اختلف الفقهاء في التصدق على تارِك الصلاة، قال بعضهم: الحمد للهِ الذي قال: (عن صَلاَتهم) ، ولم يقل في صلاتهم.
(يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (٢)
سبب نزول هذه السورة أنَّ قوماً من قريش منهم الوليد بن المغيرة، وأمية بن خلف، والعاصي بن وائل، وأبو جهل ونظراؤهم - قالوا: يا محمد، اتَّبع ديننا ونَتَّبع دينك، اعبُدْ آلهتنا سنة، ونعبد إلهك سنة.
فقال: معاذ الله أن نشرك بالله شيئاً.
ونزلت السورة في معنى البراءة من آلهتهم، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: مَنْ قرأها فقد برئ من الشرك.
وفي هذا المعنى الذي عرضت عليه قريش نزل قوله: (أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ) ، ولرسول الله - صلى الله عليه وسلم - نزلت السّورة بسببها.
فإن قلت: لم كرر قوله تعالى: (ولا أنا عابِدٌ ما عبدْتم) ؟
فالجواب: في تكرار هذه الآيات أقوال جَمَّة ومعانِ كثيرة، وتلخيصها أنَّ
الله تعالى نفى عن نبيه عبادةَ الأصنام في الماضي والحالَ والاستقبال، ونفى عن
الكفار المذكورين عبادة الله في الأزمنة الثلاثة أيضاً، فاقتضى القياس تكرار هذه اللفظة ستَّ مرات، فذكر لفظ الحال، لأن الحال هو الزمان الموجود، واسم الفاعل واقعٌ موقعَ الحال وهو صالح للأزمنة الثلاثة، واقتصر من الماضي على المسند إليهم، فقال: (ولا أنا عابد ما عَبَدْتم) ، وكان اسم الفاعل بمعنى الماضي فعمل على مذهب الكوفيين.
واقتصر من المستقبل على المسند إليه، فقال: (ولا أنتم عابدون ما أَعبد) ، وكان اسم الفاعلين بمعنى المستقبل.
(يُشْعِرُكم) .
أي يُدريكم، وهو من الشعور بالشيء.
(يُلْحِذون في أسمائه) .
أي يجورون في أسمائه ويشتقّون اللات من الإله، والعزّى من العزيز، وقيل تسميته بما لا يليق به، ولما قال أبو جهل ما قال نزلت الآية.