أي يدفَعه بعُنْف، وهذا يحتمل أن يكونَ عن إطعامه والإحسان إليه، وعن ماله وحقوقه، وهذا أشدّ.
(يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ) :
هذه الجملة في جواب (أَرَأَيْتَ) ، لأنَّ معناها أخبرني، فكأنه سؤالٌ وجواب.
والمعنى انظر الذي يكذب بالدين تجد فيه هذه الأخلاق القبيحة والأعمال
السيئة، وإنما ذلك لأنَّ الدين يحمل صاحِبه على الحسنات، وترك السيئات.
فمقصود الكلام ذَمُّ الفاعل لذلك.
قال الجنيد: عرضت نفسي ليلة على هذه السورة، فلم أجد فيها ذلك، ثم عرضت عليها (قد أفلَحَ المُؤْمِنُون) إلى قوله: (أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ) ، فقلت: سبحانك لا من هؤلاء ولا من هؤلاء، فسمعت هاتفاً يقول: من الذين (خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) .
هذا الجنيد فكيف حالك يا خويْد؟!!
(يُرَاءُونَ) الناس، فكانت صلاتهم للناس لا لله، فلذلك ذمَّهم الله في الدنيا وعذّبهم في الآخرة، وفي هذا تحذير لمن اتَّصفَ بصفتهم، فالأحْمَق مَنْ يعمل لرضا الناس، وهو لا يُدرك، وأجهلُ الناس مَنْ طلب ما لا يُدرك، وعن قريب يظهر له فِعله.
وهذا يختلف باختلاف المقاصد، لأن مَنْ عمل لإظهار الله جميله وستره قبيحه، أو لأنه يفعل به ذلك في الآخرة، أو لقُدْوتهم به أذلَّه مثل أجورهم، أو فرح بثنائهم لحبهم الطاعة والمطيع وسلامتهم من أضدادها، أو ليعرف حبَّ ربه تعالى إذا أحبه حَبَّبَهُ إلى عباده، أو لئلا يشغله ذمهم ونحوه فحسن.
(يَمْنَعون المَاعُون) :
قد قدمنا في حرف الميم أن هذا وصف لهم بالبخل وقلّة المنفعة للناس، ومَنْ لا ينفع الناس لا ينفعه الله، وأنفَعُ الناسِ عند الله أنفَعُهم للناس إلا إن أوجب الله طردهم وبعدهم وهجرانهم،