وقد استشكل كونها للتأكيد بأنك لو صرحت بالمصدر المنسبك لم يُفد
توكيداً.
وأجيب بأن التأكيد للمصدر المنحل، وبهذا لم يفرق بينها وبين إن
المكسورة، لأن التأكيد في المكسورة للإسناد، وهذه لأحد الطرفين.
الثاني: أن تكون لغة في لعل، وخرج عليها: (وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ) - في قراءة الفتح، أي لعلها.
***
(أنَّى)
اسم مشترك بين الاستفهام والشرط، فأما الاستفهام فترِد فيه بمعنى
كيف، نحو: (أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا) .
(فأنَّى يؤفَكون) .
ومن أين، نحو: (أنّى لكِ هذا) ، أي مِنْ أين.
(قُلْتم أفى هذا) ، أي من أين جاءنا.
قال في عروس الأفراح: والفرق بين أيْن ومِنْ أين أن أين سؤال عن المكان
الذي حلّ فيه الشيء.
ومن أين سؤال عن المكان الذي برز منه الشيء، وجعل
من هذا المعنى ما قُرِئ شاذاً: (أنَّى صبَبْنَا الماءَ صَبّاً) .
وبمعنى متى، وقد ذكرت المعاني الثلاثة في قوله تعالى: (فأتوا حَرْثَكم أنَّى
شِئْتم) ، فأخرج ابن جرير الأول من طريق ابن عباس.
وأخرج الثاني عن الربيع بن أنس واختاره، وأخرج الثالث عن الضحاك، وأخرج قولاً رابعاً عن ابن عمر وغيره: أنها بمعنى حيث شئتم.
واختار أبو حيان وغيره أنها في الآية شرطية، وحذِف جوابها لدلالة ما قبلها
عليه، لأنها لو كانت استفهامية لاكتفت بما بعدها كما هو شأن الاستفهامية أن يكتفى بما بعدها وأن يكون كلاماً يحسنُ السكوت عليه أو اسماً أو فعلاً.
***
[(أو)]
حرف عطف ترد لمعان:
الشك من المتكلم، نحو: (قالوا لَبِثْنَا يوماً أو بَعْضَ يوم) .