فالجواب: أنهم كانوا على الشك، ثم لاحت لهم أمارة فظنّوا.
وقد يقال الظن بمعنى الشك، وبمعنى الوهم الذي هو أضعف من الشك.
(وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) :
في هذه الآية تأويلان:
أحدهما أن الضمير في (مَوْتِهِ) لعيسى، والمعنى أن كلَّ أحد من
أهل الكتاب يُؤمن بعيسى حين ينزل إلى الأرض قَبْل أنْ يموت وتصير الأديان
كلّها حينئذ ديناً واحداً وهو دين الإسلام.
والثاني أن الضمير في موته للكتابي الذي تضمنه قوله: (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ) ، والتقدير وإن من أهل الكتاب أَحد إلاَّ ليؤمن بعيسى ويعلم أنه نبىء قبل أنْ
يموت هذا الإنسان، وذلك حين معَاينة الموت، وهو إيمان لا ينفعه.
وقد روي هذا المعنى عن ابن عباس وغيره.
وفي مصحف أبيّ بن كعب: "قبل موتهم".
وفي هذه القراءة تقوية للقول الثاني، والضمير في (به) لعيسى على الوجهين.
وقيل لمحمد - صلى الله عليه وسلم.
(وبِصَدِّهم) :
يحتمل أن يكون بمعنى الإعراض، فيكون (كثيرًا) صفة لمصدر محذوف، أي صدًّا كثيراً، أو بمعنى صدّهم لغيرهم.
فيكون كثيراً مفعولاً بالمصدر، أي صدوا كثيرًا من الناس عن سبيل الله.
(وكَلَمَ الله موسى تَكْليما) :
تصريح بالكلام مؤكد بالمصدر، وذلك دليل على بطلان قول المعتزلة: إنَّ الشجرة هي التي كلمت موسى.
(ولا الملائكةُ المقَرّبون) :
فيه دليل لمن قال: إن الملائكة أَفضل من الأنبياء، لأن المعنى لن يستنكف عيسى ومَنْ فوقه أنْ يكون عبدًا لله.
وفيه رد على مَن قال: إنهم أولاده.
(وما أكل السَّبع) ، أَي أكل بعضه.
والسبع: كل حيوان مفترس كالذئب والأسد والنمر والثعلب والعقاب والنسر.