(مِنَ القَوَاعِد) :
ما كان تحت الأرض فهو أساس، وما فوقها فهو أعمدة، وجموعهما هي القواعد.
(مِنْ فوقهم) .
يقال لما كان أعْلى فوق، ومعلوم أن السقف أعْلى، ولكن ذكر ليزِيلَ الاحتمال الذي في الخَرِّ، وأن يكون عن يمين وشمال.
أو أنهم كلما رأوا علاماتِ السقوط خرجوا، فحينئذ خَرّ عليهم، فقال: (من فوقهم) ، ليفيد أنهم تربَّصوا حتى هلكوا.
(ماذا أنزل ربّكم قالوا خَيْرا) : لما وصف مقالةَ الكفار
الذين قالوا (أساطير الأولين) ، قابل ذلك بمقالة المؤمنين، وهو
قولهم، (خيرا) .
قال الزمخشري: ويجوز أن يكون كلاماً مبتدأ للقائلين.
يريد أنه يحتمل أن يكون من كلام المحكيّ عنه.
ونظير ذلك أن يقول زيد أقول خيراً، الحمد للهِ، فتقول أنت حاكياً لكلامه: قال زيد خيراً، الحمد للَه، فهذا من كلام الحاكي، والقول محكى به الجمل والمفرد المؤدِّي معناها.
فإن قلت: لم رُفِع جواب الكافرين وهو أساطير الأولين، ونُصب جواب
المؤمنين؟
فالجواب أن قولهم خيراً منصوب بفعل مضْمَرٍ، تقديره أنزل خيراً، ففي
ذلك اعتراف بأن الله أنزله، وأساطير الأولين هو خبر ابتداء مضمر، تقديره: هو أساطير الأولين، فلم يعترفوا بأن الله أنزله، فلا وَجْهَ للنصب.
ولو كان منصوباً لكان الكلام متناقضاً، لأن قولهم أساطير الأولين يقتضي التكذيب بأن الله أنزله، والنصب بفعل مضمر يقتضي التصديق بأن الله أنزله، لأن تقديره أنزل.
فإن قلت: يلزم مثل هذا في الرفع، لأن تقديره هو أساطير الأولين، فهو
غيْرُ مطاْبق للسؤال الذي هو ماذا أنزل ربكم؟