أحدها: أن يكون (عاصم) اسم فاعل، و (مَنْ رحم) كذلك بمعنى الراحم.
فالمعنى لا عاصم إلا الراحم، وهو الله تعالى.
والثاني: أن يكون (عاصم) بمعنى العصمة، أي معصوم، و (مَنْ رحم) بمعنى
مفعول، أَي منْ رحمه الله.
فالمعنى لا معصوم إلا مَنْ رحمه الله، فالاستثناء على هذين الوجهين متصل.
والثالث: أنْ يكون (عاصم) فاعل، و (مَنْ رحم) بمعنى المفعول، والمعنى لا عاصم من أمر الله لكن مَنْ رحمه اللَّهُ فهو المعصوم.
والراجى: عكسه، والاستثناء على هذين منقطع.
(عذابٌ يُخْزِيه) :
هو الغرق، والعذاب المقيم عذاب النار.
(عَمَلٌ غَيْر صالح) :
فيه ثلاثة تأويلات على قراءة الجمهور:
أحدها: أنْ يكونَ الضمير في (إنّه) سؤال نوح نجاة ابنه.
والثْاني: أن يكون الضمير لابْنِ نوح، وحذِفَ مضاف من الكلام، تقديره:
إنه ذو عمل غير صالح.
والثالث: أن يكون الضمير لابن نوح، وما مصدر وُصف به مبالغة.
كقولك: رجل صوم.
وقرأ الكسائي عمل - بفعل ماض، غَيْرَ صالح - بالنصب.
والضمير على هذا لابن نوح بلا إشكال، لأن الله تعالى لما أراد أن يعذبه قطع
نسبَه عنه، ووصفه بعدم الصلاحية.
وأنتَ يا محمديّ أضافك إلى نفسه، بقوله: يا عبادي، وإلهكم، أفَتراه يعذِّبك بعد هذه الإضافة.
ولذلك قيل الإشارات ستة: إشارة إلى المتقين بقوله: (وسارِعوا إلى مَغْفِرةٍ
مِنْ رَبِّكم) .
وإشارة العابدين: (فاسْعَوْا إلى ذكر الله) .
وإشارة العاصِين: (يا عبادِي الذين أسرفوا على أنفسهم) .
وإشارة الهاربين إلى حِصْنه: (فَفِرُّوا إلى الله) .