قال: فسرتُ إلى الوضع فناديتُ أول ليلة باسم الرجل، فأجابني، فسألته عن مالي، فأخبرني أنه نسي أنْ يُوصِيَ بمكانه حيث دفنه، قال: ولما أخبرني بمكانه من محلّ سكناه قال لي: بالله عليك إلا ما بلغت رسالة لأختي ببلد كذا من مكان كذا، واسم زَوْجها وابنتها، وأمارات، وقل لها: تجعلني في حِل من كوني فارقْتها من غير طيب نَفْس منها، ووقع بيني وبينها مهاجرة، فتضرَّعْ لها وأرغبها لعل اللَهَ يُنقذني من هذا المقام، فإني عُوقِبْتُ من سبب قطعي لرحمها.
وتمامُ الحكاية أنه وجد مالَه، واستعفي من الأخت لأخيها، وعاد الرجل إلى
مكة، ونادى ليلة الجمعة باسمِ الرجل، فأجابه وجزاه خَيْرًا، وأخبره أنَّ الله قد غفر له.
ومما يؤكّد صحة هذا أن الأرواحَ حيثما ذكر - ما ذكره القرطبي في سورة
قد أفلح: اختلف في مقر الأرواح على أقوال ذكر فيها قولا إن بئر زمزم
خاصّ بالسعداء وبئر برهوت خاص بالأشقياء.
قلت: وقد وردت أحاديث صحيحة بأن الأرواح على أحوال مختلفة، فمنها
ما هو يعلق في ثمر الجنة، ومنها ما هو في قناديل معلقة تحت العرش، ومنها ما
هو في كفالة آدم، ومنها ما هو في كفالة إبراهيم، ومنها ما هو في أفْنِيَة قبورها تردّ على مَنْ يسلِّم عليها، ومنها ما هو لتلقّي أرواح المؤمنين من إخوانهم يسألونهم عنهم، فيقول بعضهم لبعض: دعوه يستريح مِنْ هَمِّ الدنيا وغمومها.
***
[(السين) :]
حرف يختص بالمضارع ويخلِّصه للاستقبال، ويتنَزل منه منزلةَ
الجزاء فلذا لم تعمل فيه.
وذهب البصريون إلى أن مدةَ الاستقبال معه أضيق منها
مع سوف، وعبارة المعربين فيها حرف تنفيس، ومعناها حرف توسع، لأنها
نقلت المضارعَ من الزمن الضيّق - وهو الحال - إلى الزمن الواسع، وهو
الاستقبال.
وذكر بعضهم أنها قد تأتي للاستمرار لا لِلاسْتِقبال، كقوله: (ستَجِدون
آخرين) .
(سيقول السّفَهَاء) .